ولا بأس بكونه من المغشوش الذي يعامل به (١) مثل الشاميات والقمري ونحوها. نعم ، لو كان مغشوشاً يجب كسره ، بأن كان قلباً ، لم يصحّ (٢) وإن كان له قيمة ، فهو مثل الفلوس.
ولو قال للعامل : بع هذه السلعة وخذ ثمنها قراضاً ، لم يصحَّ (*) (٣) إلّا أن يوكله في
______________________________________________________
(١) إذ العبرة بناءً على اعتبار كونه من الذهب والفضّة المسكوكين بصدق الدرهم والدينار ، وهو صادق على المغشوش على حد صدقه على الخالص ، بل الخالص منهما إما لا يكون أو يكون نادراً جدّاً ، وقد تقدّم الكلام فيه مفصّلاً في باب الزكاة.
نعم ، لو كان الغش بحدّ يمنع صدق الاسم عليه ، منع من صحة المضاربة به ، بناءً على القول باعتبار كون مال المضاربة درهماً وديناراً.
(٢) بأن كان الغش في الهيئة لا المادة ، بأن صب الذهب والفضة بشكل الدراهم والدنانير ، فإنه لا يكون حينئذ من الأثمان ، وتقدّم اعتبار كون مال المضاربة منها. وبذلك يظهر الفرق بينه وبين الفلوس.
(٣) وكأنه لأن الذي يعطيه المالك للعامل ليس بالفعل درهماً أو ديناراً ، وقد اعتبر كون مال المضاربة منهما. وثمنه وإن كان منهما ، إلّا أنه حين إعطائه له لم يكن مالكاً لذلك ، وإنما يملكه بعد البيع.
وفيه ما لا يخفى. فإنا وإن سلّمنا عدم صحة المضاربة بالعروض ، إلّا أنه إذا قصد المعطي المضاربة بالبدل والثمن كما هو صريح عبارته ، كان ذلك في الحقيقة توكيلاً للعامل في جعل الثمن قراضاً ، كما هو الحال في سائر موارد الأمر بالأُمور المترتبة ، كأن يقول : بع داري واصرف ثمنه على الفقراء ، فإنّه توكيل في الصرف عليهم لا محالة.
ومن هنا فإذا نفّذ العامل ذلك فباع المتاع ، ثمّ تصدى للتجارة بالثمن ، كان فعله هذا إيجاباً للمضاربة بالوكالة من المالك ، وقبولاً منه هو.
__________________
(*) فيه إشكال ، بل لا تبعد الصحّة.