وكذا الحال إذا كان المالك عالماً دون العامل (١) فإنه يستحق الأُجرة ، ولا يضمن التلف والنقص.
وإن كانا عالمين ، أو كان العامل عالماً دون المالك ، فلا اجرة له (*) ، لإقدامه على العمل مع علمه بعدم صحّة المعاملة (٢). وربّما يحتمل في صورة علمهما أنه يستحقّ حصّته من الربح من باب الجعالة (**). وفيه : أنّ المفروض عدم قصدها (٣). كما أنه ربّما يحتمل استحقاقه اجرة المثل إذا اعتقدا أنه يستحقها
______________________________________________________
ومنه يظهر الحال فيما يتلف في يد العامل ، فإنه ضامن له لا محالة بعد أن لم تكن يده يد أمانة ، حيث إنّ المالك لم يأذن له في التصرّف مطلقاً ، وإنما أذن له فيه مقيّداً بصحّة عقد المضاربة ، فإذا انتفى القيد كان المقيد مثله.
(١) يظهر الحال فيه مما تقدّم. فإنّ الكلام في هذا الفرض ، هو الكلام في الفرض السابق من حيث الأدلّة والتفصيل حرفاً بحرف.
(٢) لكنك قد عرفت غير مرّة ، أنّ العلم بالفساد شرعاً لا يلازم الإتيان بالعمل مجاناً وبغير عوض ، فإنّ العامل قاصد للعوض وإن كان يعلم بأنّ الشارع لم يمضه. ومقتضى السيرة العقلائية القطعية اقتضاء استيفاء عمل الغير الصادر عن أمره للضمان مطلقاً ، علم العامل بالفساد أو جهل ، فإنّ العبرة في عدم الضمان إنما هو بالتبرّع به وهو غير متحقق.
(٣) ظاهر هذا التعليل أنّ عدم الاستحقاق ناشئ من عدم القصد إلى الجعالة.
وفيه : أنه لا أثر للقصد وعدمه ، وذلك لما تقدّم مراراً من عدم صحّة تمليك الإنسان ما لا يملكه بالفعل إلّا ما خرج بالدليل ، إذ ليس له بالفعل مال وملك كي
__________________
(*) فيه إشكال بل منع ، فإنّ العلم بفساد المعاملة شرعاً لا يستلزم الإقدام على العمل مجّاناً.
(**) المضاربة وإن كانت نوعاً من الجعالة إلّا أنّهما تفترقان في أنّ العامل في باب المضاربة يشترك مع المالك في الربح ، وهذا بخلاف العامل في باب الجعالة فإنّه لا يشترك مع المالك في الربح وإنّما يستحق الأُجرة التي جُعلت له.