.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّ الطائفتين الأُوليين وإن كانتا متعارضتين بالتباين ، حيث دلّت الاولى على الضمان في حين صرّحت الثانية بعدمه ، إلّا أنّ الطائفة الثالثة تقيِّد كلّاً منهما ، وبذلك يرتفع التعارض بينهما. وتكون النتيجة عدم ضمان العامل فيما إذا كان مأموناً من غير أن يطلب منه الإثبات بإقامة البيّنة على دعواه ، بخلاف ما إذا كان متَّهماً حيث يطالب بإثبات ما ادعاه وإلّا تعيّن الضمان عليه.
بقي الكلام في أنه هل للمالك ، في فرض كون العامل متهماً ، مطالبته بالحلف بدلاً عن مطالبته بالبيّنة؟
وبعبارة أُخرى : هل المالك في صورة اتهام العامل مخيّر بين مطالبته بإقامة البيّنة على التلف وبين مطالبته بالحلف عليه ، أم إنه ليس للمالك إلّا مطالبة العامل بالإثبات؟
الظاهر هو الأوّل ، وذلك لوجوه :
الأوّل : إنّ جواز مطالبة المالك العامل بالبيّنة حقّ له ، وله أن يرفع اليد عنه ويرضى بحلفه بدلاً عنه.
نعم ، لا يترتب على هذا الوجه إلزامه العامل بالحلف ، فإنّ للعامل الامتناع عنه وإقامة البيّنة على ما يدّعيه.
الثاني : عمومات ما دلّ على أن البيّنة على المدّعى واليمين على المدعى عليه ، فإنّها غير قاصرة عن شمول محلّ الكلام ، لأنها وإن خصّصت فيه بالنسبة إلى مطالبة المدّعى بالبيّنة ، حيث دلّت النصوص الخاصة على مطالبتها من المدَّعى عليه ، إلّا أنها لم تدلّ على عدم جواز مطالبة الحلف منه ، فتبقى العمومات على حالها وسليمة عن المخصص من هذه الناحية ، وبذلك فيثبت للمالك مطالبة العامل باليمين.
نعم ، يختص هذا الوجه بما إذا كان المالك مدّعياً لخلاف ما يدّعيه العامل جزماً وإلّا فليس له حقّ الدعوى عليه بمقتضى العمومات.
الثالث : صحيحة أبي بصير يعني المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلّا أن يكونوا متهمين ، فيخوف بالبيّنة