ولا دليل لهم على ذلك إلّا دعوى الإجماع على أن أثر العقد لا بدّ أن يكون حاصلاً من حين صدوره. وهو إن صح إنما يتمّ في التعليق على المتوقع ، حيث أن الأثر متأخر. وأما التعليق على ما هو حاصل فلا يستلزم التأخير ، بل في المتوقع أيضاً إذا أخذ على نحو الكشف ، بأن يكون المعلق عليه وجوده الاستقبالي لا يكون الأثر متأخراً.
نعم ، لو قام الإجماع على اعتبار العلم بتحقق الأثر حين العقد ، تمّ في صورة الجهل. لكنه غير معلوم.
ثمّ على فرض البطلان ، لا مانع من جواز التصرّف ونفوذه من جهة الإذن (١).
______________________________________________________
عن القطع به ، بل لا يبعد دعوى السيرة عليه ، إذ ما أكثر التعليق في الوكالة ، فتراه يوكل غيره عند سفره في بيع داره أو طلاق زوجته إن لم يرجع إلى سنة ، وما إلى ذلك. بخلاف التعليق في العقود اللازمة ، حيث لم يتعارف فيها التعليق ، باستثناء ما ثبت في التدبير والوصية.
وتوهم صحّة التعليق في الإجارة وتعارفه لدى الناس ، فيؤجر داره لمدّة سنة من بعد شهر ، أو بعد انتهاء إجارة المستأجر الأوّل.
واضح البطلان ، فإنه أجنبي عن محل الكلام ، إذ لا تعليق فيها بالمرّة ، فإنّ الملكيّة منجزة وفعلية ، غاية الأمر أنها متعلقة بالمنفعة المتأخرة ، فالمستأجر ومن حين العقد يملك تلك المنفعة المتأخرة. وأين هذا من التعليق في الملكيّة الموجب للبطلان! وبعبارة أُخرى : لا بدّ من التفريق بين التعليق في الملكيّة ، وبين كون الملكيّة المنجزة متعلقة بأمر متأخر. فإنّ الذي يقتضي البطلان إنما هو الأوّل ، وأما الثاني فلا موجب للحكم فيه بالبطلان ، بل لا ينبغي الإشكال في صحّته.
(١) لما عرفت من عدم الملازمة بين بطلانها وبطلان المعاملات الصادرة من العامل ، فإنّها صحيحة حتى على فرض بطلان المضاربة ، ما لم يكن إذن المالك فيها