إلّا أن يشترطا عدم الاشتراك فيها (*) (١).
فلو عمل أحدهما وربح ، وعمل الآخر ولم يربح أو خسر ، يشتركان في ذلك الربح ويجبر به خسران الآخر. بل لو عمل أحدهما وربح ، ولم يشرع الآخر بعد في العمل ، فانفسخت المضاربة ، يكون الآخر شريكاً (٢) وإن لم يصدر منه عمل لأنه مقتضى الاشتراك في المعاملة. ولا يعدّ هذا من شركة الأعمال كما قد يقال ، فهو نظير ما إذا آجر نفسهما لعمل بالشركة ، فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة كما إن النظير داخل في عنوان الإجارة.
______________________________________________________
وهذه الدعوى وإن كانت قابلة للتصديق إمكاناً ، إلّا أنها خلاف الظاهر جدّاً فتحتاج في مقام الإثبات إلى الدليل وهو مفقود.
والذي يمكن أن يقال في هذا المقام : إنّ المضاربة ليست من المعاملات الشرعية المحضة ، بحيث يكون الشارع المقدس هو المؤسس لها ابتداءً ، وإنما هي معاملة عقلائية ثابتة ومتعارفة لدى العقلاء قبل التشريع ، وقد أمضاها الشارع المقدس وأقرّ العقلاء على فعلهم ذلك.
ومن هنا فحيث إن هذه المعاملة غير مقيّدة لدى العقلاء باتحاد العامل فإنها كما تتحقّق مع العامل الواحد تتحقق مع تعدد العملاء ، حاله في ذلك حال الأجير فإنّ المالك قد يجعل أجيراً واحداً ، وقد يجعل اجراء متعددين ، كفى دليل الإمضاء في الحكم بصحّة هذه المعاملة ، حيث لم يدلّ على اعتبار وحدة العامل.
وبعبارة اخرى : إنّ عدم ورود الردع عن تعدّد العامل في شيء من أدلّة إمضاء عقد المضاربة ، بعد قيام السيرة العقلائية عليه ، يكفي في الحكم بصحّة هذه المعاملة ، وحمل عنوان الأجير في لسان الأدلّة على الجنس.
(١) الظاهر أنه لا أثر لهذا الاشتراط ، فإنّ الشرط لا يكون مشرعاً ، ولا بدّ من دليل يقتضي ذلك وهو مفقود.
(٢) لاتحاد المضاربة وكونهما بمنزلة العامل الواحد.
__________________
(١) في صحّة هذا الشرط إشكال بل منع.