وهل يضمن حينئذ جميعه ، لعدم التميز مع عدم الإذن في أخذه على هذا الوجه. أو القدر الزائد ، لأن العجز إنما يكون بسببه ، فيختصّ به. أو الأوّل إذا أخذ الجميع دفعة. والثاني إذا أخذ أوّلاً بقدر مقدوره ، ثمّ أخذ الزائد ولم يمزجه مع ما أخذه أوّلاً؟ أقوال ، أقواها الأخير.
ودعوى أنه بعد أخذ الزائد يكون يده على الجميع ، وهو عاجز عن المجموع من حيث المجموع ، ولا ترجيح الآن لأحد أجزائه ، إذ لو ترك الأوّل وأخذ الزيادة لا يكون عاجزاً (١) ، كما ترى ، إذ الأوّل وقع صحيحاً ، والبطلان مستند إلى الثاني وبسببه (٢)
______________________________________________________
(١) وبعبارة اخرى : إنّ الدفعين الأوّل والثاني لما كانا مبنيين على المضاربة الواقعة على الجميع ، والمحكوم عليها بالفساد بالنسبة إلى جميع المال أيضاً المقدور وغير المقدور كما هو المفروض ، لم يكن للتفصيل وترجيح الأوّل على الثاني وجه ، فإنّ العقد واحد ، ونسبة كل واحد من الدفعين إليه واحدة أيضاً.
(٢) وتوضيحه أن يقال : إنّ عقد المضاربة لما كان جائزاً من الطرفين ، وكان المالك غير ملزم بدفع المال إلى العامل بعد العقد ، حيث إنه ليس له مطالبته به كما أنه ليس للمالك إلزام العامل بالعمل ، فلا وجه لأن يقال إنّ تسليم المالك للعامل من الجري على المعاملة الفاسدة ، ونسبة تلك المعاملة إلى كلا الدفعين واحدة.
فإنّه إنما يتمّ في العقود اللازمة ، حيث لا يكون التسليم بعد الحكم بالفساد بنفسه مصداقاً لإنشاء ذلك العقد ، فيتعيّن كونه جرياً على العقد الفاسد. وأما في العقود الجائزة التي يكون العمل بعد العقد الفاسد بنفسه مصداقاً لذلك العقد ، فلا مجال لأن يكون العمل بعده جرياً على العقد السابق ، بحيث يرى المالك نفسه ملزماً به ، بل هو بعينه يكون مصداقاً لذلك العقد.
فلو أكره شخصٌ آخر ليهب ماله إليه ، فوهب ومن ثمّ سلَّم المال باختياره إليه ، لم يكن ذلك من الجري على الهبة الفاسدة ، وإنما كان التسليم بنفسه مصداقاً للهبة.
وما نحن فيه من هذا القبيل. فإنّ دفع المالك للمال بعد فساد المضاربة إلى العامل