نعم ، لو عيّن المزروع ، أو (١) مبدأ الشروع في الزرع ، لا يبعد صحّته (٢) إذا لم يستلزم غرراً. بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع أيضاً إذا كانت الأرض ممّا لا يزرع في السنة إلّا مرّة ، لكن مع تعيين السنة (٣) لعدم الغرر فيه. ولا دليل على اعتبار التعيين تعبّداً ، والقدر المسلّم من الإجماع على تعيينها غير هذه الصورة (٤).
______________________________________________________
وبعبارة أُخرى نقول : يعتبر في صحة العقد أن يكون على نحو يمكن إلزام كلا طرفيه بالوفاء به والالتزام بمضمونه. وحيث إنّ هذا مفقود في المقام ، فإنّ الواجب على العامل القيام بالزراعة في إحدى تينك السنتين مع كون الخيار له في التعيين والواجب على المالك تسليم أرضه للزراعة في إحدى السنتين مع كون الخيار في التعيين له أيضاً ، فلا يجب على أحدهما إطاعة الآخر فيما عينه ، ويحكم بفساده لا محالة.
(١) كلمة «أو» غلط جزماً ، والصحيح «الواو». ويشهد له قوله (قدس سره) بعد هذا : بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع أيضاً.
(٢) إذ بانتهاء الزرع وحصول النتاج ، يقسم الحاصل بينهما على ما اتفقا عليه من النسبة ، وتلغى الفترة الزائدة قهراً. ومعه فلا يبقى للعامل حقّ في التصرّف في الأرض بعد ذلك ، لانتهاء المزارعة به.
(٣) بلا إشكال فيه. فإنّ المزارعة لما كانت زراعة واحدة ، وقد أعطى المالك العامل الحقّ فيها مرّة واحدة متى شاء ، حكم بصحتها ، لعدم فوات شيء على المالك.
(٤) ظاهر كلامه (قدس سره) أنّ الدليل على اعتبار تعيين المدّة بالأشهر والسنين إنما هو الإجماع ودليل نفي الغرر.
ومن هنا فقد يورد عليه بعدم الدليل على المنع من الغرر مطلقاً ، إذ الثابت إنما هو النهي عن البيع الغرري خاصة. وعليه فإن تمّ إجماع محصّل فهو ، وإلّا فلا عبرة بالإجماع المنقول.
إلّا أنك قد عرفت أننا في غنى عن إثبات الإجماع أو الدليل على نفي الغرر مطلقاً