.................................................................................................
______________________________________________________
كانت الأرض معلومة معيّنة.
وكذا الحال فيما لو كانت كليّاً في معين ، فإنه لا قصور في أدلّة المزارعة عن شموله. فقد ورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس» (١) فإنّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين العقد الواقع على العين الخارجية والواقع على الكلي في معين.
بل الإطلاقات شاملة للعقد الواقع على الكلي في الذمة ، إذ يصح فيه أن يقال : إنّ المالك زارع العامل على أن يكون ما يخرجه الله بينهما.
نعم ، لو زارعه على إحدى القطعتين المختلفتين في الصفات ، بحيث تكون المزارعة في إحداهما أيسر وأسهل من الأُخرى ، فقد يقال كما ذهب إليه الماتن (قدس سره) بالبطلان ، نظراً للزوم الغرر.
إلّا أنّ للمناقشة فيه مجالاً واسعاً. فإنه لا وجه للحكم بالبطلان فيه ، بعد البناء على صحة المزارعة في الكلي في المعين ، فإنه من مصاديقه ، فإنّ عنوان إحدى هاتين القطعتين كلّي قابل للانطباق على كل منهما.
ودعوى لزوم الغرر.
مدفوعة بأنه إنما يكون فيما إذا كان العوض أمراً معلوماً ومعيناً ، كما لو باعه أحد الثوبين المختلفين من حيث الجنس والوصف بخمسة دنانير ، حيث لا يعلم المشتري ما يملكه بإزاء ما يدفعه ثمناً ، فلا يتمّ في مثل المقام حيث يكون العوض هو النسبة المعينة من الحاصل من الأرض التي يعمل فيها ، فإنه لا غرر فيه على الإطلاق ، ولا يكون إقدام العامل عليه إقداماً غررياً ، فإنه سيأخذ الحصّة المعينة مما أخرجه الله تبارك وتعالى من الأرض. فحال العامل في هذه الصورة ، هو الحال في إقدامه على المزارعة والعمل في الأرض المعينة.
على إنك قد عرفت غير مرّة ، أنه لا دليل على اقتضاء الغرر لبطلان المعاملات بقول مطلق ، إذ المسلم منه هو بطلان البيع الغرري خاصة.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب المزارعة والمساقاة ، ب ٨ ح ٧.