بالنسبة إلى الزرع الموجود ، فإن كان البذر من المالك فهو له ، ويستحق العامل اجرة عمله (١) على إشكال في صورة علمه بالتعيين وتعمده الخلاف ، لإقدامه حينئذٍ على هتك حرمة عمله. وإن كان البذر للعامل كان الزرع له ، ويستحقّ المالك عليه أُجرة الأرض مضافاً (٢) إلى ما استحقه من بعض الوجوه المتقدِّمة. ولا يضرّ استلزامه الضمان للمالك من قبل أرضه مرتين على ما بيّناه في محلّه ، لأنه من جهتين ، وقد ذكرنا نظير ذلك في الإجارة أيضاً.
______________________________________________________
(١) والذي أظنه والله العالم أنه (قدس سره) قد غفل عما أفاده في غير مورد من عدم استحقاق العامل للأُجرة عند علمه بفساد العقد.
فإنّ ما أفاده (قدس سره) في تلك الموارد وإن لم يكن تامّاً في نفسه ، لما عرفته من عدم مدخلية العلم بالفساد في ارتفاع الضمان لعدم ملازمته للتبرع وقصد المجانية ، إلّا أنه وعلى تقدير تماميته إنما يختص بما إذا كان صادراً عن أمر الغير ، كالإجارة الفاسدة ونحوها. وأما إذا لم يكن العمل واقعاً عن أمر الغير ، فلا وجه لأن يقال بأنّ للعامل اجرة مثل عمله على الغير فيما إذا كان جاهلاً بالحال ، فإنه لم يكن قد صدر عن أمره كي يكون ضامناً له.
فالصحيح هو الحكم بعدم الضمان مطلقاً ، سواء أكان العامل عالماً أم جاهلاً.
(٢) وفيه : أنّ الضمان من جهة الترك لم يكن ضماناً من جهة الحاصل أو عمل العامل في الأرض ، وإنما كان ضماناً من جهة تفويته لمنفعة الأرض ، تمسّكاً بقاعدة اليد أو الإتلاف.
وحيث أنّ في المقام لا شيء وراء الاستيفاء ، حيث لم يفت من المالك إلّا منفعة أرضه ، سواء استوفاها العامل بزرع بذره أم لا ، فلا وجه للضمان الثاني. فإن من يغصب الدار أو غيرها لا يضمن منفعتها إلّا بضمان واحد سواء أسكنها أم لا ، وليس عليه مضافاً إلى ذلك على تقدير سكناه فيها اجرة المثل لتلك المدة.
ومن هنا يظهر أنّ قياسه (قدس سره) للمقام على الإجارة ، فيما إذا استأجر العين لاستيفاء منفعة معينة كالدابة للركوب عليها إلى كربلاء مثلاً فترك ذلك وركبها إلى