يزارعه في حصّته (١) من غير فرق بين أن يكون البذر منه أو من المالك (٢) ولا يشترط فيه إذنه. نعم ، لا يجوز تسليم الأرض إلى ذلك الغير إلّا بإذنه (*) (٣) وإلّا
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه ، بل كاد أن يكون إجماعاً.
وذلك لما عرفته منا من أنّ عقد المزارعة يجعل لكل من الطرفين حقاً في إلزام صاحبه بما عليه ، فللعامل إلزام المالك بتسليم الأرض ، وللمالك إلزام العامل بالعمل. ولذا صحّ أن يقوم ورثتهما مقامهما عند موتهما من دون حق الاعتراض للطرف الآخر ، فليس لورثة المالك منع العامل عن العمل عند انتقالها إليهم ، لأنها إنما انتقلت إليهم بهذا الوصف ، أعني ثبوت حق التصرّف له فيها.
ومن هنا فإذا كان هذا الحقّ قابلاً للانتقال بالإرث ، كان قابلاً للانتقال بالمعاملة أيضاً.
على أنّ أدلّة المزارعة غير قاصرة الشمول لمثلها. فإنّك قد عرفت في المسألة الاولى من هذه المسائل ، أنه لا يعتبر في صحة المزارعة مالكية المزارع للأرض ، بل يكفي كونه مالكاً للتصرف فيها. وحيث إنه متحقق في المقام ، فإنّ المزارع يملك هذا الحقّ وله الولاية على ذلك ، فله أن يزارع غيره فيجعله في مقامه ، من غير توقف على اعتبار ملكيّته للمنفعة.
(٢) فإنّ للمزارع العامل حقّ التصرّف في هذا البذر مطلقاً ، بالمباشرة أو بغيرها.
ولا يختصّ ذلك بصورة الإطلاق ، بل له ذلك حتى مع اشتراط المباشرة عليه لعدم المنافاة بين اشتراط المباشرة عليه وكون المزارعة لغيره ، فينقل حصّته إلى الغير بحيث يصبح ذلك الغير هو المزارع ، لكنه يبقى هو العامل في الأرض ، والبذر مجاناً أو بعوض يتقاضاه من المشتري.
(٣) تقدّم الكلام في ذلك في كتاب الإجارة ، وقد عرفت أنه لا وجه له. فإنّ يد
__________________
(*) الكلام فيه كما مرّ في الإجارة [في صفحة ٣٩٧ فصل في أحكام عقد الإجارة التعليقة ، (١)].