فالزرع الموجود مشترك بينهما على النسبة (*) (١) وليس لصاحب الأرض على
______________________________________________________
(١) وفيه : أنّ تأثير الفسخ وإن كان من حينه ، إلّا أنّ معناه لما كان رفع العقد وفرضه كأن لم يقع بالمرّة ، كان مقتضاه إرجاع كلّ من الطرفين ما وصله من صاحبه إليه عيناً أو بدلاً. وحيث كان المختار في مبدأ الاشتراك هو حين خروج الزرع ، كان مقتضى الفسخ رجوع هذه الحصّة التي ملّكها مالك البذر إياه إليه ، كما يقتضيه فرض العقد كأن لم يكن ، فإنّ فرضه كذلك يعني كون الزرع بأكمله لمالك البذر بقانون التبعيّة.
نعم ، بناءً على ما اختاره الماتن (قدس سره) من كون مبدأ الاشتراك هو البذر يتم ما أفاده (قدس سره) من الاشتراك في الزرع ، فإنّ مالك البذر إنما ملّك صاحبه الحصّة منه ، ولم يملّكه الزرع وإنّما هو قد حصل في ملكه.
ومن هنا فإذا انفسخ العقد لم يكن لصاحب البذر المطالبة بالزرع الموجود بتمامه فإنّ حصّة صاحبه منه لم يكن هو قد ملّكها إياه كي يستردّها بالفسخ ، وإنّما الواجب على صاحبه ردّ البذر إليه. وحيث إنه ممتنع بعينه لتلفه نتيجة للزرع ، تعين عليه ردّه بمثله إن كان مثلياً ، وقيمته إن كان قيمياً. ولا أثر للفسخ حينئذٍ في كون الزرع لأحدهما خاصّة ، فإنه وعلى هذا التقدير لهما سواء أكان هناك فسخ أم لم يكن فإنّ الاشتراك في الزرع ثابت وعلى كلا التقديرين الفسخ وعدمه ، وحينئذٍ
فيجري ما ذكره (قدس سره) تفريعاً على ذلك من أحكام.
والحاصل أنّ ما ذكره (قدس سره) إنما يتم بناءً على ما ملكه من إيجاب عقد المزارعة كون البذر مشتركاً بين الطرفين ، بمعنى ملكيّة الطرف الآخر للحصة منه
__________________
(*) كيف يكون كذلك والفسخ يوجب ارتفاع العقد وفرضه كأن لم يكن ، وتأثير الفسخ وإن كان من حينه إلّا أنّه يوجب رجوع كل من العوضين أو ما بحكمهما إلى من انتقل عنه ، وعليه فبناءً على ما ذكرناه من حصول الشركة من حين خروج الزرع رجع الزرع إلى مالك البذر ، فإن كان هو العامل لزم عليه للمالك اجرة مثل المنفعة الفائتة من الأرض ومع ذلك كان المالك مخيّراً بين إبقاء الزّرع مجّاناً أو بالأُجرة وإلزام العامل بقلعه ، وإن كان هو المالك استحقّ العامل عليه اجرة المثل.