.................................................................................................
______________________________________________________
واسم للعين الخارجية مما يؤكل أو يشرب ، والكسوة اسم لما يلبس ، فيكون معنى الآية الكريمة : أنّ على الرجل الطعام والشراب واللباس بالمعروف.
وقد ذكرنا في مبحث النفقات من كتاب النكاح أنّ متعلق (عليك) أو (عليه) أو غيرهما مما يدلّ على الإلزام ، إذا كان عيناً خارجياً كان معناه التمليك ، فيقال : عليه الدينار أو الدرهم وما شاكل ذلك. وهذا بخلاف ما لو كان متعلقه الفعل كالصلاة والصيام ، فإنّ ظاهره الإلزام به ووجوبه عليه تكليفاً محضاً لا غير.
وحيث إنّ الآية الكريمة من قبيل الأوّل ، باعتبار أنها أثبتت نفس الأعيان الخارجية على الرجل ، كان ظاهرها ثبوت تلك الأعيان في ذمّته ، وهو ما يعني ملكيّة الزوجة لها عليه.
وتقدير الفعل في الآية الكريمة ، بدعوى كون المراد : عليه إعطاء الرزق والكسوة خلاف الظاهر ولا شاهد يعضده.
واحتمال كون الرزق والكسوة مصدرين ، كما جاء في بعض الكلمات ، بعيد غايته. فإنّ الأوّل من الأفعال المتعدّية ومصدره الرزق بفتح الراء وأوضح منه فساداً الثاني ، فإنه اسم للعين وليس بمصدر جزماً ، فإنّ مصدره الكسو.
إذن فما ذهب إليه المشهور بل لا يبعد دعوى عدم الخلاف فيه ، من ملكيّة الزوجة لنفقتها ، هو الصحيح.
هذا كلّه في الزوجة. وأمّا الأقارب فلا دليل على ملكيتهم لنفقتهم بالمرّة ، حيث لم يرد في شيء من نصوصها ما يستفاد منه ذلك ، بل الأمر بالعكس من ذلك ، حيث إنّ ظاهر نصوصها كون الإنفاق عليهم حكماً تكليفياً محضاً.
وعليه فلو عصى المكلّف ولم ينفق عليهم ، لم يكن عليه غير الإثم. وأمّا اشتغال ذمّته بها لهم ، حتى لو مات أُخرجت من تركته كسائر الديون الذي عليه ، فلا.
نعم ، ليس هذا الحكم التكليفي كسائر الأحكام التكليفية بالمعنى الأخص ، وهو ما يصطلح عليه في كلماتهم بالحكم ، وإنما هو من الحقوق حيث يقبل الإسقاط ، كما هو الحال في سائر موارد الحقوق.