وعدم السّفه (١)
______________________________________________________
وعلى تقدير احتمال اعتباره وإن كان بعيداً جدّاً ، فهو أمر خارجي لا محالة ، وليس من الرضا المعاملي في شيء كي يعتبر في صاحبه الشروط المذكورة.
نعم ، لو كانت الحوالة على البريء ، وجب توفر الشروط المذكورة غير الفلس في المحال عليه أيضاً ، نظراً لكونها غير ملزمة بالنسبة إليه ، إذ المفروض أنّ المحيل لا يستحق عليه شيئاً. ومن هنا فلا بدّ في صحّتها من رضاه وقبوله ، لانتقال الدَّين من ذمّة المحيل إلى ذمّته.
وحيث إنه لا عبرة برضا فاقد هذه الشروط ، فإن رضا الصغير كالعدم وعمدهُ كالخطإ ، ولا أثر لقبول المجنون والمكره ، وليس للسفيه إشغال ذمّته بشيء من دون إذن وليه ، اعتبر في صحّتها توفر الشروط لا محالة.
نعم ، لا يعتبر فيه عدم الحجر للفلس ، باعتبار اختصاص دليل الحجر عليه بالتصرف في أمواله الخارجية خاصّة ، وعدم شموله لإشغال ذمّته بشيء ، فإنّ الدليل قاصر الشمول لمثله ، ولذا يصحّ إجارته لنفسه بل واستقراضه أيضاً. فليس هو كالسفيه ، حيث يكون ممنوعاً من التصرف في ذمّته وإشغالها فضلاً عن أمواله الخارجية.
نعم ، لا يشارك الدائن الجديد الغرماء السابقين في أمواله ، فإنها وبحكم حجر الحاكم عليها تختصّ بالغرماء حين الحجر دون غيرهم ، بلا فرق في ذلك بين كون سبب الدَّين اختيارياً كالاستقراض ، أو قهرياً كالإتلاف.
والحاصل أنّ إطلاق الحكم باعتبار هذه الشروط في المحال عليه مما لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّه إن كان مشغول الذمّة للمحيل لم يعتبر فيه أيّ شرط على الإطلاق ، وإن كان بريء الذمّة بالنسبة إليه اعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر عليه للسفه خاصّة.
(١) أما بالنسبة إلى المحال عليه فقد عرفت الحال فيه.
وأما بالنسبة إلى المحيل نفسه ، فالظاهر أنه كاعتبار عدم الحجر عليه لفلس لا وجه