فلا يشمل ما إذا أحال من له عليه الدراهم على البريء بأن يدفع الدنانير (١) أو على مشغول الذمّة بالدنانير بأن يدفع الدراهم (٢). ولعلّه لأنه وفاء بغير الجنس برضا الدّائن. فمحلّ الخلاف ما إذا أحال على من عليه جنس بغير ذلك الجنس.
والوجه في عدم الصحّة ما أُشير إليه من أنه لا يجب عليه أن يدفع إلّا مثل ما عليه ، وأيضاً الحكم على خلاف القاعدة. ولا إطلاق في خصوص الباب ، ولا سيرة كاشفة ، والعمومات منصرفة إلى العقود المتعارفة.
ووجه الصحّة أنّ غاية ما يكون أنه مثل الوفاء بغير الجنس ، ولا بأس به (*) وهذا هو الأقوى (٣).
ثمّ لا يخفى أنّ الإشكال إنما هو فيما إذا قال : (أعط مما لي عليك من الدنانير دراهم) بأن أحال عليه بالدراهم من الدنانير التي عليه. وأمّا إذا أحال عليه
______________________________________________________
(١) فإنها محكومة بالصحّة قطعاً بعد رضا كلّ من المحتال والمحال عليه بها ، فإنها ترجع إلى مبادلة بين الدّائن المحتال والمدين المحيل أوّلاً بتبديل ما في ذمّته للمحال بالجنس الجديد ، ثمّ إحالته به على المحال عليه البريء ، فيحكم بصحّتها لعدم شمول دليل المنع لها ، إذ لا منافاة فيها لسلطنة المحتال أو المحال عليه بالمرّة ، كما هو واضح.
(٢) فترجع إلى المعاوضة بين المحيل والمحال عليه ، بتبديل ما للأوّل على الثاني بالجنس الجديد الذي للمحتال على المحيل أوّلاً ، ثمّ إحالة المحتال بذلك عليه ، فتكون الحوالة بالجنس الذي له عليه لا محالة.
(٣) فيما إذا رضي المحال عليه بها ، إذ أنها ترجع حينئذ إلى معاملة معاوضية بين المحيل والمحال عليه ، بتبديل ماله عليه بالجنس الجديد ثمّ إحالة المحتال عليه. وهي محكومة بالصحّة جزماً ، إلّا أنها ليست من الوفاء بغير الجنس كما ذكره (قدس سره). فإنّه وبعد ثبوت الجنس الجديد بالمعاملة الجديدة في ذمّة المحال عليه بدلاً عن الذي
__________________
(*) غاية الأمر أنه يعتبر حينئذ رضا المحال عليه.