وبعد جريان أصالة براءة ذمّته (*) (١) يرتفع الشكّ.
هذا على المختار من صحّة الحوالة على البريء. وأمّا على القول بعدم صحّتها فيقدم قول المحيل ، لأنّ مرجع الخلاف إلى صحّة الحوالة وعدمها ، ومع اعتراف المحال عليه بالحوالة يقدّم قول مدّعي الصحّة وهو المحيل.
ودعوى أنّ تقديم قول مدعي الصحّة إنما هو إذا كان النزاع بين المتعاقدين وهما في الحوالة المحيل والمحتال ، وأمّا المحال عليه فليس طرفاً وإن اعتبر رضاه في صحّتها.
مدفوعة أوّلاً : بمنع عدم كونه طرفاً ، فإنّ الحوالة مركّبة من إيجاب وقبولين (**) (١).
وثانياً : يكفي اعتبار رضاه في الصحّة (٢) في جعل اعترافه بتحقّق المعاملة حجّة عليه بالحمل على الصحّة.
نعم ، لو لم يعترف بالحوالة ، بل ادّعى أنه أذن له في أداء دَينه ، يقدّم قوله لأصالة البراءة من شغل ذمّته (٣) فبإذنه في أداء دينه له مطالبة عوضه ، ولم
______________________________________________________
(١) بل الاستصحاب عدم شغل ذمّته ، فيثبت موضوع الضمان ، أعني أداءه لما لم يكن بثابت في ذمّته بأمر من المحيل.
(١) وفيه : إنه منافٍ لما ذكره (قدس سره) في الشرط الأوّل صريحاً من كون الحوالة إيقاعاً لا عقداً.
(٢) وهو منافٍ أيضاً لما تقدّم في الشرط الثالث من عدم اعتبار رضا المحال عليه في صحّة الحوالة ، باعتبار كونه أجنبياً عن المال بالمرّة ، وإنما أمره بيد مالكه المحيل فله نقله كيفما شاء بالحوالة أو البيع أو غيرهما من الأسباب.
(٣) أقول : لا يخفى أنه بناءً على جريان أصالة الصحّة في أمثال المقام ، فكما أنه
__________________
(*) الصحيح التمسك في المقام باستصحاب عدم اشتغال ذمّته ، فإنه يحرز الموضوع دون أصالة البراءة.
(**) مرّ أنّها ليست كذلك.