.................................................................................................
______________________________________________________
وكذا الحال لو ادعى أحد المتعاقدين كون الثمن مما لا مالية له شرعاً كالخمر ، فإنه لا يمكن إثبات صحّة العقد وإلزام مدعي البطلان بما يقوله الآخر لأصالة الصحّة لأنها لا تجري في موارد الشكّ في تحقق أركان العقد وما يتوقف عليه عنوانه.
وحيث إنّ مقامنا من هذا القبيل ، باعتبار أنّ الشكّ في صحّة الحوالة إنما هو من جهة الشكّ في سلطنة المحيل لإحالة الدَّين على غيره ، فلا يمكن التمسّك بأصالة الصحّة والحكم ببراءة ذمّة المحيل واشتغال ذمّة المحال عليه له.
والحاصل أنّ اشتغال ذمّة الغير المحال عليه لما كان من قوام الحوالة ، بناءً على عدم صحّة الحوالة على البريء ، فلا يمكن التمسّك في مورد الشكّ فيه بأصالة الصحّة لإثبات صحّة العقد واشتغال ذمّة الغير بالمال.
ثمّ إنّ هذا كلّه لا يعني المخالفة في أصل الحكم ، فإنّ ما ذكره الماتن (قدس سره) من أخذ المحال عليه باعترافه صحيح ولا غبار عليه ، إلّا أنّ ذلك لا لما أفاده من التمسّك بأصالة الصحّة ، فإنك قد عرفت عدم جريانها في أمثال المقام ، بل لحجّية الظهورات اللفظية في مداليلها الالتزامية ، فإنّ الاعتراف بالحوالة لما كان مدلولاً لفظياً كان حجّة في لازمه ، أعني اشتغال ذمّته بالمال للمحيل.
وتوضيحه : أنا قد ذكرنا في مبحث الأُصول المثبتة من الاستصحاب ، أنّ المشهور بين الأصحاب وإن كان هو التفصيل في حجّية اللوازم بين الأمارات والأُصول بالالتزام في الأُولى بالحجيّة دون الثانية ، إلّا أنه مما لا يمكن المساعدة عليه وإثباته بدليل ، إذ إنّ حال الأمارات حال الأُصول في اقتصار حدود التعبّد الشرعي بالنسبة إلى ثبوت نفس الموضوع دون لوازمه. ولذا لا يصحّ الاعتماد في دخول الوقت على تجاوز الشمس عن الجهة التي يظنّ كونها القبلة عند الجهل بها ، والحال أن الظنّ حجّة شرعية بالنسبة إليه بالقياس إلى تحديد نفس القبلة جزماً.
وبعبارة اخرى : إنّ الأمارة كالأصل لا يترتب عليها إلّا إثبات الموضوع الذي قامت عليه وجرت فيه ، وبذلك تثبت الصغرى لكبرى الحكم الثابت لذلك العنوان. فلو شككنا في خمرية مائع وقامت الأمارة على خمريته أو تمسّكنا لإثباتها باستصحاب الحالة السابقة ، تثبت بذلك الصغرى لكبرى : «وكلّ خمر حرام» خاصّة