كما يحصل به الوفاء بالنسبة إلى دَين المحيل بمجرّده ، فكذا في حصوله بالنسبة إلى
______________________________________________________
الدّين من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة ، كما لا إشكال في براءة ذمّة المحال عليه للمحيل بمجردها ، فلا يكون له الرجوع بالمال عليه ، لانتقال ما كان له في ذمّته إلى ملكيّه المحال.
وبعبارة اخرى : إنّ الدَّين لما كان ديناً واحداً غير متعدد ، لم يمكن فرض المحال عليه مديناً للمحيل والمحال معاً ، بل هو مدين لأحدهما خاصّة على النحو الذي ذكرناه ، أعني للمحيل قبل الحوالة ، وللمحال بعدها.
وفي الثاني : فإن رفض المحال عليه الحوالة أو قبلها ولكن قلنا بفساد الحوالة على البريء ، فلا ينبغي الإشكال في عدم اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال وعدم اشتغال ذمّة المحيل له المحال عليه.
وإن قلنا بصحتها على البريء كما هو الصحيح وقبل المحال عليه الحوالة ، فلا إشكال في اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال بمجرد قبوله للحوالة ، فيجوز له الرجوع عليه ومطالبته بها.
وإنما الكلام في اشتغال ذمّة المحيل حينئذٍ للمحال عليه ، وجواز رجوعه عليه بمجرد الحوالة وقبل الأداء.
فالمشهور العدم ، إلّا أنّ الماتن (قدس سره) قد اختار جواز الرجوع عليه ، بدعوى أنّ اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال لا يكون مجاناً ، بل لا بدّ وأن يقابله اشتغال ذمّة المحيل له.
لكنّ الصحيح ما ذهب إليه المشهور. فإنّ اشتغال الذمّة يحتاج إلى الدليل ، ومجرد لزوم المجانية في اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال ، لا يصلح دليلاً لإثبات اشتغال ذمّة المحيل للمحال عليه ، بعد أن لم يكن يترتب عليه أيّ ضرر أو نقص مالي بالنسبة إليه المحال عليه قبل الأداء في الخارج ، إذ الضرر إنما يترتب على أدائه للمال ، حيث يستلزم ذلك نقصاً في ماله مستنداً إلى أمر المحيل ، فيصحّ له الرجوع عليه لكونه من