دفع شخص ماله إلى شخص وادّعى أنه دفعه أمانة ، وقال الآخر : دفعتني هبة أو قرضاً ، فإنه لا يقدّم قول ذي اليد.
هذا كلّه إذا لم يعلم اللّفظ الصادر منهما. وأمّا إذا علم وكان ظاهراً في الحوالة أو في الوكالة فهو المتبع.
ولو علم أنه قال : (أحلتك على فلان) وقال : (قبلت) ثمّ اختلفا في أنه حوالة أو وكالة ، فربّما يقال إنه يقدم قول مدعي الحوالة ، لأن الظاهر من لفظ (أحلت) هو الحوالة المصطلحة ، واستعماله في الوكالة مجاز ، فيحمل على الحوالة.
وفيه : منع الظهور المذكور (١) (١). نعم ، لفظ الحوالة ظاهر في الحوالة المصطلحة ، وأمّا ما يشتقّ منها كلفظ : (أحلت) فظهوره فيها ممنوع. كما أنّ لفظ
______________________________________________________
ملكيّة ذيها ، بل الثابت عدمها. ومن هنا فيلزم ذا اليد الإثبات ، باعتبار كونه مدعياً.
(١) وفيه ما لا يخفى. فإنّ النقل مأخوذ في مفهوم الحوالة بجميع اشتقاقاته ، لأنها وكما عرفت في أوّل الكتاب مأخوذة من الإحالة والتحويل ، وهما في اللغة بمعنى النقل من مكان إلى مكان أو حال إلى حال أو زمان إلى زمان ، كما هو الحال في تحويل السنة. فالنقل دخيل في المبدأ وجميع اشتقاقاته ومأخوذ في مفهومها ، ومعه فلا يصحّ حمل بعض المشتقات على الوكالة التي هي خالية عن النقل بالمرّة.
وما عن الشهيد الثاني (قدس سره) من دعوى تضمّن الوكالة لنقل حقّ مطالبة الدَّين الثابت للدّائن إلى الوكيل (١).
واضح الفساد ، إذ الوكالة لا تقتضي انتقال حقّ الموكل في المطالبة إلى الوكيل بحيث يمنع هو من المطالبة بدينه ، فإنّ غاية ما في الأمر إعطاء الموكل حقّا للوكيل في مقابل حقّه نفسه ، بحيث يكون لكل منهما المطالبة بالدَّين.
والحاصل أنّ حقّ المطالبة لا ينتقل من الموكل إلى الوكيل ، فإنه باقٍ له كما كان
__________________
(*) في المنع إشكال.
(١) مسالك الأفهام ٤ : ٢٢٨.