الاولى فله. وأما ما قُرِّر للعامل ، فهل هو أيضاً له ، أو للعامل الأوّل ، أو مشترك بين العاملين؟ وجوه وأقوال ، أقواها الأوّل ، لأن المفروض بطلان المضاربة الثانية ، فلا يستحقّ العامل الثاني شيئاً ، وإنّ العامل الأوّل لم يعمل حتى يستحقّ فيكون تمام الرّبح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله. ويستحقّ العامل الثاني أُجرة عمله مع جهله بالبطلان (١) على العامل الأوّل ، لأنه مغرور من قبله. وقيل : يستحقّ على المالك (٢). ولا وجه له ، مع فرض عدم الإذن منه له في العمل.
هذا إذا ضاربه على أن يكون عاملاً للمالك. وأمّا إذا ضاربه على أن يكون عاملاً له ، وقصد العامل في عمله العامل الأوّل فيمكن أن يقال : إنّ الرّبح للعامل الأوّل ، بل هو مختار المحقّق في الشرائع.
وذلك بدعوى أنّ المضاربة الأُولى باقية بعد فرض بطلان الثانية ، والمفروض أن العامل قصد العمل للعامل الأوّل ، فيكون كأنه هو العامل فيستحقّ الرّبح وعليه اجرة عمل العامل إذا كان جاهلاً بالبطلان ، وبطلان المعاملة لا يضرّ بالإذن الحاصل منه للعامل له.
______________________________________________________
(١) وأمّا إذا كان عالماً بالحال ، فالأظهر أنه لا ضمان ، لا على المالك ولا على العامل. ولا ينافيه ما تقدّم منا في غير مورد أنه لا فرق في الضمان بين علم العامل بفساد العقد وعدمه ، فإن بينه وبين المقام من الفرق ما لا يكاد يخفى.
فإنّ المفروض في غير المقام صدور العمل من العامل بأمر الآمر لا على نحو المجانية ، فهو بأمره قد التزم للعامل بالأُجرة ، فلا يضرّ علم العامل بالفساد.
وهذا بخلاف المقام ، حيث لم يلتزم العامل الأوّل للثاني بشيء ، وإنما أخبره عن ضمان المالك له ، وحيث إنّ العامل يعلم كذبه وأنه ليس بوكيل عنه ، فلا وجه للحكم بضمانه ، بل يكون حاله حال من استأجر غيره للعمل في ملك الغير على أن تكون أُجرته على المالك ، مع علم الأجير بعدم كونه وكيلاً عنه.
(٢) وكأنه لأنّ المالك قد استفاد من فعله ، وهو قد عمل على طبق نفعه ، وعمل المسلم محترم.