ولا يخفى عليك ما في دعوى الأولويّة من النظر خصوصا على ما ذهب إليه من عدم ثبوت اختصاص النافلة بالفرض ، وأنّ القدر المتيقّن الثابت بالأخبار أنّها صلوات مسنونة في أوقات معيّنة.
وأمّا الرواية : فلا تدلّ إلّا على استحباب ترك التكلّم ، لا كراهة الكلام.
الثالث : لا يتعيّن الجلوس في الركعتين اللّتين تعدّان بركعة ، كما يوهمه ظاهر المتن وغيره ، كظواهر كثير من النصوص الواردة فيهما ، بل يجوز الإتيان بهما قائما ، بل هو أفضل ، كما هو صريح موثّقة سليمان بن خالد ، المتقدّمة (١) ، قال فيها : «وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا ، والقيام أفضل» الحديث.
وظاهر رواية الحارث بن المغيرة ـ المتقدّمة (٢) المصحّحة بطريق الشيخ ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام ، إلى أن قال : «وركعتان بعد العشاء الآخرة ، كان أبي يصلّيهما وهو قاعد ، وأنا أصلّيهما وأنا قائم» فإنّ الظاهر أنّ مواظبته عليهالسلام على القيام لم يكن إلّا لأفضليّته. وأمّا أبوه عليهالسلام فكان يشقّ عليه الصلاة قائما ، فلا ينافي فعله أفضليّة القيام ، كما يشهد بذلك خبر حنان بن سدير عن أبيه ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أتصلّي النوافل وأنت قاعد؟ قال : «ما أصلّيها إلّا وأنا قاعد منذ حملت هذا اللحم وبلغت هذا السنّ» (٣).
__________________
(١) في ص ١٤.
(٢) في ص ١٣ ـ ١٤.
(٣) الكافي ٣ : ٤١٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ١٦٩ ـ ١٧٠ / ٦٧٤ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب القيام ، ح ١.