نعم ، ربّما يظهر من الصدوق ـ على ما حكي عنه ـ اختصاص الرخصة بالمسافر حيث قال : كلّ ما روي من الإطلاق في صلاة الليل من أوّل الليل فإنّما هو في السفر ، لأنّ المفسّر من الأخبار يحكم على المجمل (١). انتهى.
أقول : فالذي يغلب على الظنّ أنّ التفسير الذي تقدّمت (٢) حكايته عن الفقيه في ذيل صحيحة ليث من الصدوق باجتهاده ، فلا عبرة به.
وأنت خبير بأنّه لا مقتضي للجمع بين ما دلّ على جواز التقديم في السفر وبين غيره ممّا دلّ على جوازه في الليالي القصار أو عند خوف البرودة أو الجنابة ، بل لو لم يكن النصّ إلّا في خصوص السفر لأمكن دعوى استفادة جواز التقديم في سائر مواقع الضرورة بتنقيح المناط.
(و) كيف كان فقد صرّح الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بأنّه إذا دار الأمر بين التقديم وقضائها بعد خروج الوقت ، كان (قضاؤها أفضل) من التقديم.
كما يدلّ عليه ما عن معاوية بن وهب ـ في الصحيح ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه قال : قلت له : إنّ رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إليّ ما يلقى من النوم ، وقال : إنّي أريد القيام إلى الصلاة بالليل فيغلبني النوم حتّى أصبح فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع والشهرين أصبر على ثقله ، فقال : «قرّة عين له والله ، قرّة عين والله» ولم يرخّص في النوافل أوّل الليل ، وقال : «القضاء بالنهار أفضل» قلت : فإنّ من نسائنا أبكارا ، الجارية تحبّ الخير وأهله وتحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربّما قضت وربّما ضعفت عن قضائه وهي تقوى عليه في أوّل الليل ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٠٣ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٧ : ١٩٤.
(٢) في ص ٢٦٤.