(و) أمّا المقام الثاني : فالمشهور بين الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ أنّه (تختصّ) صلاة (الظهر من أوّله بمقدار أدائها ، وكذلك العصر من آخره ، وما بينهما من الوقت مشترك) خلافا لما حكي عن ظاهر الصدوقين من القول بأنّه إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر إلّا أنّ هذه قبل هذه (١).
وربّما يظهر ممّا حكي عن المعتبر شيوع القول بذلك بين القدماء ؛ فإنّه بعد أن حكى عن الحلّي الطعن على القائلين بهذا القول وتخطئتهم في ذلك أنكر عليه تمام الإنكار ، وبالغ في التشنيع عليه ، وقال في طيّ كلماته ـ المحكيّة عنه ـ : إنّ ذلك نصّ من الأئمّة عليهمالسلام ، وقد رواه زرارة وعبيد والصباح بن سيابة ومالك الجهني ويونس عن العبد الصالح وأبي عبد الله عليهماالسلام ، على أنّ فضلاء الأصحاب رووا ذلك وأفتوا به ، فيجب الاعتناء بالتأويل ، لا الإقدام بالطعن.
ثمّ قال : ويمكن أن يتأوّل ذلك من وجوه :
أحدها : أنّ الحديث تضمّنت «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) وذلك يدلّ على أنّ المراد بالاشتراك ما بعد الاختصاص.
الثاني : أنّه لمّا لم يكن للظهر وقت مقدّر ، بل أيّ وقت فرض وقوعها فيه ، أمكن فرض وقوعها فيما هو أقلّ منه حتّى لو كانت الظهر تسبيحة ، كصلاة شدّة الخوف ، كانت العصر بعدها ، ولأنّه لو ظنّ الزوال ثمّ دخل الوقت قبل إكمالها بلحظة ، أمكن وقوع العصر في أوّل الوقت إلّا ذلك القدر ، فلقلّة الوقت وعدم
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ٧ : ٨٢ ، وحكاه عنهما المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٤ ، وانظر : المقنع : ٩١.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).