الرابع : لاريب في أنّ النوافل المرتّبة عبادات مستقلّة ونوافل متعدّدة ، وليس مجموع الستّة (١) والثلاثين ركعة عبادة واحدة بحيث لا يشرع الإتيان ببعضها إلّا مع العزم على الإتيان بما عداه ، فله الإتيان بنافلة الظهر عازما على الاقتصار عليها ، وهكذا سائر النوافل ، كما يشهد بذلك ـ مضافا إلى وضوحه ودلالة كثير من الأخبار المتقدّمة بل أكثرها عليه ، كما لا يخفى على المتأمّل ـ الأخبار الخاصّة الواردة فيها بالخصوص.
مثل : المستفيضة الواردة في خصوص الوتيرة ، وفي الأربع ركعات التي بعد المغرب ، وفي صلاة الليل ، وفي ركعتي الفجر اللّتين روي فيهما أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان أشدّ معاهدة بهما من سائر النوافل (٢) ، وأنّهما خير من الدنيا وما فيها (٣) ، وأنّهما المشهودتان لملائكة الليل والنهار (٤) ، ومن هنا قيل ـ بل حكي عليه الإجماع ـ : إنّهما أفضل من غيرهما من النوافل (٥) ، وغير ذلك من الأخبار التي ورد فيها الحثّ على آحادها.
مثل : ما في مرسلة الصدوق ـ المتقدّمة (٦) ـ من توصيف نافلة الزوال بأنّها
__________________
(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، والظاهر : «الأربع» بدل «الستّة».
(٢) كما في درر اللآلئ ، الورقة ١١ ، وعنه في مستدرك الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، ح ٤.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٥٠١ / ٧٢٥ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٧٥ / ٤١٦ ، سنن النسائي ٢ : ٢٥٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٧٠ ، المستدك ـ للحاكم ـ ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٣٧ / ١١٦ ، أمالي الطوسي : ٦٩٥ / ١٤٨١ ـ ٢٤ ، الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب المواقيت ، ح ١ و ٣.
(٥) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٢٤ عن الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٥٢٣ ، المسألة ٢٦٤.
(٦) في ص ٢١.