وما فيه من الإشعار بثبوت البأس فيه في الحضر لعلّه لأفضليّة التأخير ، كما يدلّ عليه غيره من الروايات التي ستأتي في محلّها ، وإن كان قد ينافيها ما عن الطبرسي في الاحتجاج عن الكليني رفعه عن الزهري أنّه طلب من العمري أن يوصله إلى صاحب الزمان عجّل الله فرجه ، فأوصله ، وذكر أنّه سأله فأجابه عن كلّ ما أراده ، ثمّ قام ودخل الدار ، قال : فذهبت لأسأل فلم يستمع وما كلّمني بأكثر من أن قال : «ملعون ملعون من أخّر العشاء إلى أن تشتبك النجوم ، ملعون ملعون من أخّر الغداة إلى أن تنقضي النجوم» (١).
لكن لا بدّ من ردّ علم هذه الرواية إلى أهله ، أو توجيهها بما لا ينافي غيرها من الروايات البالغة حدّ التواتر ، الدالّة على جواز التأخير بل رجحانه.
ولا يبعد أن يكون المراد بها اللعن على من أوجب التأخير وتديّن بذلك ، أو يكون المراد بالعشاء الصلاة المفروضة في الليل ، فاريد بها صلاة المغرب ، لا العشاء الآخرة.
وكيف كان فهذه الأخبار بأسرها ناطقة بجواز تقديم العشاء على ذهاب الشفق ، وأغلبها تدلّ بالصراحة أو الظهور على جوازه اختيارا.
فما عن الشيخين وابن أبي عقيل وسلّار من أنّ أوّل وقتها غيبوبة الشفق (٢) في غاية الضعف ، سواء أريد به أوّل وقتها على سبيل الإطلاق ، أو في حال الاختيار.
__________________
(١) الاحتجاج : ٤٧٩ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب المواقيت ، ح ٧.
(٢) المقنعة : ٩٣ ، النهاية : ٥٩ ، المبسوط ١ : ٧٥ ، الخلاف ١ : ٢٦٢ ، المسألة ٧ ، المراسم : ٦٢ ، وحكاه عنهم العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٤٧ ، المسألة ٧.