ولذا قد يغلب على الظنّ إرادتهم بذلك أوّل وقتها المجعول لها في أصل الشرع ، الذي ينبغي اختيارها فيه وإن جاز تقديمها عليه من باب التوسعة ، أي أوّل وقت الفضيلة ، وحمل عبارات القدماء علي إرادة مثل هذه المعاني غير بعيد وإن كان قد يأبى عنه بعض أدلّتهم الآتية.
وكيف كان فقد احتجّ الشيخان ـ على ما نقله في المدارك (١) ومحكيّ المختلف (٢) ـ : بصحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام متى تجب العتمة؟قال : «إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة» (٣).
وصحيحة بكر بن محمّد عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث : «وأوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها إلى غسق الليل» يعني نصف الليل (٤).
وزاد في محكيّ المختلف نقلا عنهما ، وقال : ولأنّ الإجماع واقع على أنّ ما بعد الشفق وقت للعشاء ، ولا إجماع على ما قبله ، فوجب الاحتياط ؛ لئلّا يصلّى قبل دخوله ، ولأنّها عبادة موقّتة ، ولا بدّ لها من ابتداء مضبوط ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، وأداء المغرب غير منضبط ، فلا يناط به وقت العبادة (٥). انتهى.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٥٩.
(٢) الحاكي عنه هو البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ١٩٠ ، وانظر : مختلف الشيعة ٢ : ٤٨ ، ضمن المسألة ٧.
(٣) الكافي ٣ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ / ١١ ، التهذيب ٢ : ٣٤ / ١٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٧٠ ـ ٢٧١ / ٩٧٧ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب المواقيت ، ح ١.
(٤) الفقيه ١ : ١٤١ / ٦٥٧ ، التهذيب ٢ : ٣٠ / ٨٨ ، الاستبصار ١ : ٢٦٤ / ٩٥٣ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب المواقيت ، ح ٦.
(٥) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ١٩١ ، وانظر : مختلف الشيعة ٢ : ٤٨ ، ضمن المسألة ٧ ، وكذا الخلاف ١ : ٢٦٤ ، ذيل المسألة ٧.