ولا يخفى ما في الدليلين الأخيرين. وأمّا الروايتان : فلا تصلحان لمعارضة ما عرفت ، فالأولى حملهما على إرادة وقت الفضيلة.
ويحتمل قويّا جريهما مجرى التقيّة التي هي من أقوى أسباب اختلاف الأخبار الواردة في باب المواقيت ، كما في بعض (١) الأخبار التصريح بذلك.
ويؤيّد هذا الاحتمال ما في ذيل رواية بكر بن محمّد ـ المرويّة عن قرب الإسناد ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن وقت المغرب ، فقال : «إذا غاب القرص» ثمّ سألته عن وقت العشاء الآخرة ، فقال : «إذا غاب الشفق» قال : «وآية الشفق الحمرة» ثمّ قال بيده (٢) هكذا (٣) (٤) ، فإنّ وقوع مثل هذه الأشياء والتعبيرات المشعرة بصدور القول عن رأي واجتهاد أو بحسب ما يقتضيه الوقت من أمارات التقيّة ، والله العالم.
ويدلّ على امتداد وقت الصلاتين مرتّبة ثانيتهما على الاولى إلى أن ينتصف الليل ـ كما هو المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم ، على ما نسب (٥) إليهم ـ الروايات الثلاث التي رواها عبيد بن زرارة ، ورواية داود بن فرقد ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧٦ ـ ٢٧٧ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٥٢ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ١ : ٢٥٧ / ٩٢١ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب المواقيت ، ح ٣. وأيضا راجع : العدّة في أصول الفقه ١ : ١٣٠ ، وعلل الشرائع : ٣٩٥ (الباب ١٣١) ح ١٤ و ١٥.
(٢) قال بيده : أهوى بها. أساس البلاغة : ٣٨٢ «قول».
(٣) قرب الإسناد : ٣٦ ـ ٣٧ / ١١٨ و ١١٩ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب المواقيت ، ح ٣.
(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بعد قوله : «هكذا» : «أقول». وهي هنا زائدة ؛ حيث لم ترد في المصدر ، بل هي من كلام صاحب الوسائل حيث قال : بعد نقل الرواية عن قرب الإسناد :«أقول ..» فلاحظ.
(٥) الناسب هو البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ١٧٥ و ١٩٣.