مخافة أن تفوته الفريضة ، فلعلّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن يراعي هذه الجهة ؛ لعلمه بأنّه لا تفوته الفريضة ، كما تقدّم نظيره في صلاة الوتيرة حيث ورد في بعض الأخبار أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن يصلّيها ؛ لعلمه بأنّه لا تفوته صلاة الوتر ـ التي ينوب منابها الوتيرة عند فوتها ـ لمكان الوحي (١).
فالأظهر أنّ وقت فضيلتها من حيث هو ما بعد المثل أو الأربعة أقدام ، وإلّا لم يكن يختاره النبيّ صلىاللهعليهوآله في غالب أوقاته مع ما فيه من الكلفة الزائدة ، ولكن المبادرة إليها في أوّل وقتها بعنوان المسارعة إلى الخيرات والخروج عن عهدة ما وجب عليه في أوّل وقته أفضل ، فهما من قبيل المستحبّات المتزاحمة التي بعضها أهمّ.
ومن هنا ظهر أنّ المسارعة إلى فعل العشاء أيضا في أوّل أزمنة إمكانها لا تخلو عن فضيلة وإن كان الأفضل فيها ـ بالنظر إلى ظواهر الأخبار ـ إنّما هو رعاية وقت فضيلتها ، والله العالم.
تنبيه : الأخبار الواردة لتحديد الوقت الأوّل لصلاة الصبح ـ الذي هو أفضل وقتيها ـ مختلفة في التعبير عمّا جعل غاية له.
ففي صحيحة ابن سنان ـ المتقدّمة مرارا ، المرويّة عن التهذيب ـ : «ووقت صلاة الفجر حين ينشقّ [الفجر] إلى أن يتجلّل الصبح السماء» (٢) الحديث.
ونحوها صحيحة الحلبي ـ المرويّة عن الكافي ـ أو حسنته عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «وقت الفجر حين ينشقّ إلى أن يتجلّل الصبح السماء ،
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٠ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم تخريجها في ص ١٧٥ ، الهامش (١) وما بين المعقوفين من المصدر.