وقد استشهد صاحب الحدائق بهذه الأخبار لكفاية الظنّ بدخول الوقت ؛ نظرا إلى أنّ غاية ما يفيد أذان المؤذّن هو الظنّ وإن تفاوتت مراتبه شدّة وضعفا باعتبار المؤذّنين وما هم عليه من زيادة الوثاقة والضبط في معرفة الأوقات وعدمه (١).
وفيه : أنّه إن أراد بذلك إثبات جواز الاعتماد على الظنّ الحاصل من الأذان مطلقا ـ كما حكي القول به عن بعض (٢) ـ فله وجه.
وأمّا إن أراد به إثبات حجّيّة مطلق الظنّ ـ كما يعطيه ظاهر كلامه ـ ففيه : أنّه قياس مستنبط العلّة مع وجود الفارق ؛ ضرورة بطلان مقايسة سائر الظنون على الظنّ الحاصل من خبر الواحد الذي هو على تقدير وثاقة مخبره طريق عقلائيّ لإثبات متعلّقه ، كظواهر الألفاظ ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، وحيث إنّ الأذان وضع في الشريعة للإعلام بدخول الوقت يكون صدوره من المؤذّن إخبارا فعليّا بالوقت ، فلا يلزم من جواز الاعتماد عليه جواز التعويل على مطلق الظنّ.
نعم ، يلزمه حجّيّة إخبار المؤذّن بدخول الوقت بل وإخبار غير المؤذّن أيضا إذا كان كالمؤذّن من حيث الوثاقة ، فإنّ من الواضح أنّ اعتبار الأذان إنّما هو من باب الطريقيّة وكاشفيّته عن الوقت بلحاظ كونه إخبارا فعليّا ، فإخباره صريحا بالقول أولى بالاعتبار.
ثمّ إنّ في جملة من هذه الأخبار إشارة إلى ما ادّعيناه من كون خبر الثقة وأذانه ـ الذي هو بمنزلة إخباره ـ طريقا عقلائيّا مضىّ لدى الشارع ، وأنّ اعتباره
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٦ : ٢٩٦.
(٢) راجع : المعتبر ٢ : ٦٣.