شرعا إنّما هو بهذه الملاحظة ، لا من باب التعبّد ؛ فإنّ سياقها يأبى عن التعبّد.
ألا ترى إلى التعليل الواقع في صحيحة (١) المحاربي ، الآمرة بالأخذ بأذان هؤلاء : بأنّهم أشدّ شيء مواظبة للوقت؟ فإنّه بمنزلة توثيقهم في الإخبار بالوقت ، وقد سيق تقريبا للحكم إلى الذهن ، فيستكشف من ذلك أنّ التعويل على خبر الثقة كان مفروغا عنه لديهم.
وقول النبيّ صلىاللهعليهوآله في مرسلة الصدوق : «إنّ ابن أمّ مكتوم يؤذّن بليل (٢)» (٣) الحديث ، فإنّه بحسب الظاهر مسوق للردع عن الاعتماد على أذان ابن أمّ مكتوم ؛ لكونه يؤذّن بليل ، لا الأمر بالتعويل على أذان بلال ، فيستشعر من ذلك أنّ التعويل على أذان بلال على وفق القاعدة.
وقوله صلىاللهعليهوآله في مرسلة المفيد : «وله من كلّ من يصلّي بأذانه حسنة» (٤) فإنّ فيه إيماء إلى جريان العادة على التعويل على الأذان ورضا الشارع بذلك.
وكيف كان فغاية ما يمكن إثباته بهذه الأخبار إنّما هو جواز الاعتماد على أذان من يوثق بأنّه لا يؤذّن إلّا بعد دخول الوقت ، لا مطلق المؤذّن وإن كان قد يستظهر منها الإطلاق ، لكن إطلاق بعضها وارد مورد حكم آخر من مدح المؤذّنين والترغيب على الأذان ببيان ما يترتّب عليه من المغفرة والأجر ، كالروايات الثلاثة الأخيرة (٥) ، وبعضها وارد في المؤذّن الثقة ، كصحيحة المحاربي ورواية سعيد و
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٣٧١ ، الهامش (١).
(٢) لا حظ الهامش (٣) من ص ٣٧٢.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٧٢ ، الهامش (٤).
(٤) تقدّم تخريجه في ص ٣٧٢ ، الهامش (٧).
(٥) راجع : ص ٣٧٢.