في الأمصار ويؤلِّب الناسَ على دولةٍ فيثور هؤلاء الناس على هذه الدولة لا لشيء إلاّ لأنّ هذا الفرد طاف بهم وأثارهم!
أمّا طبيعة الحكم وسياسة الحاكم وفساد النظام الاقتصادي والمالي والعمراني ، وطغيان الأثرة على ذوي السلطان ، واستبداد الولاة بالأرزاق ، وحمل بني اُميَّة على الأعناق ، والميل عن السياسة الشعبية الديمقراطية إلى سياسة عائلية أرستقراطية رأسمالية ، وإذلال من يضمر لهم الشعبُ التقدير والاحترام الكثيرين أمثال أبي ذرّ وعمّار بن ياسر وغيرهما ، أمّا هذه الاُمور وما إليها جميعاً من ظروف الحياة الاجتماعية ، فليست بذات شأن في تحريك الأمصار وإثارتها على الاُسرة الاُمويّة الحاكمة ومن هم في ركابها ، في نظر هؤلاء! بل الشأن كلّ الشأن في الثورة على عثمان لعبداللّه بن سبأ الذي يلفت الناس عن طاعة الأئمة ويلقي بينهم الشر.
أليس من الخطر على التفكير أن ينشأ في الشرق ، من يعلّلون الحوادث العامة الكبرى ، المتصلة اتّصالا وثيقاً بطبيعة الجماعة واُسس الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية ، بارادة فرد من عامة الناس يطوف في البلاد باذراً للضلالات والنساء في هذا المجتمع السليم.
أليس من الخطر على التفكير أن نعلّل الثورات الاصلاحية في التاريخ تعليلا صبيانياً نستند فيه إلى رغبات أفراد في التاريخ شاءوا أن يحدثوا شغباً فطافوا الأمصار وأحدثوه (١).
٣ ـ إنّ رواية الطبري نقلت عن أشخاص لا يصحّ الاحتجاج بهم :
أ : السريّ : إنّ السريّ الذي يروي عنه الطبري ، إنّما هو أحد رجلين :
__________________
١ ـ الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ٤ / ٨٩٤ ـ ٨٩٦ وللكلام صلة من أراد فليرجع إليه.