فلمّا أتمّ كلامه ابتدأ أبوبكر بالبحث والكلام فاستند إلى أنّ اللائق بالخلافة هو قوم النبي وقبيلته بحجّة أنّهم أوسط العرب داراً وأحسنهم احساباً ولم يكتف بذلك حتّى أخذ بيد عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح ورشحهما للبيعة.
ترى أنّ الطائفتين اتّخذوا في حل مشكلة الخلافة قواعداً كانت سائدة في عصر الجاهلية فالأنصار ترى نفسها أحق بالخلافة لحمايتها النبي الأكرم وتقديم المأوى له ، وأمّا هؤلاء الحاضرون من المهاجرين فاحتجّوا يحتمل ما احتجّت به الأنصار وهو أنّ قريش أوسط داراً وأحسن نسباً.
ولم يكن هناك من يذكّر ويوقفهم على أنّ الإسلام عصف بهذه الأساليب من الاحتجاجات وحطّم أحكام الجاهلية (١)
فلو كان هناك مشورة اسلامية كان عليهم أن يتفحّصوا عن أعلم القوم بالكتاب والسنّة وأكثرهم دراية بهما. وأسوسهم وأخشنهم في ذات اللّه وأسبقهم إلى الايمان والإسلام. كما هو الوارد عن الكتاب والسنّة قال سبحانه : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوْاْ عَنِ المُنكَرِ وللهِ عَاقِبةُ الاُمُورِ ) (٢).
وقال النبي الأكرم لا تصلح الإمامة إلاّ لرجل فيه خصال ثلاث :
١ ـ ورع يحجزه عن معاصي اللّه.
٢ ـ وحلم يملك به غضبه.
٣ ـ وحسن الولاية على من يلي حتّى يكون كالأب الرحيم (٣).
__________________
١ ـ لاحظ : في الوقوف على احتجاج الطائفتين ، السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٦٥٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ٢٦٩ وتاريخ الطبري ٢ / ٤٤٢ ـ ٤٤٦.
٢ ـ الحج / ٤١.
٣ ـ الكافي للكليني ١ / ٤٠٧.