ولمّا رأى الشيخ الأشعري وأتباعه أنّ ذلك عبارة عن نفس القول بالجبر ، واقصاء الإنسان عن أفعاله ، وبالتالي براءته من مسؤوليتها ، ابتدعوا نظرية الكسب المعقدة فقالوا : إنّ اللّه هو الخالق والإنسان هو الكاسب ، وقد ذكرنا أنّ نظرية الكسب من الألغاز التي لم يفهمها مخترعوها.
٤ ـ إنّ الاستطاعة في الإنسان على فعل من الأفعال تقارنه تارة ، وتتقدّم عليه اُخرى. فلو اُريد من القدرة العلّة التامّة فهي مقارنة ، ولو اُريد العلّة الناقصة فهي متقدّمة خلافاً للأشاعرة ، فقد قالوا بالتقارن مطلقاً.
٥ ـ رؤية اللّه بالأبصار في الآخرة ، فهي مستحيلة عند الامامية المعتزلة ، ممكنة عند الاشاعرة.
٦ ـ كلامه سبحانه عند الامامية هو فعله ، فهو حادث لا قديم ، وهذا خلافاً للأشاعرة : فكلامه عبارة عن الكلام النفسي القائم بذاته ، فهو قديم كقدم الذات.
٧ ـ التحسين والتقبيح العقليان ، ذهبت الامامية إلى أنّ العقل يدرك حسن بعض الأفعال أو قبحها ، بمعنى أنّ نفس الفعل من أي فاعل صدر ، سواء أكان الفاعل قديماً أو حادثاً ، واجباً أو ممكناً ، يتّصف بأحدهما فيرى مقابلة الإحسان بالإحسان أمراً حسناً ، ومقابلة بالاساءة أمراً قبيحاً ، ويتلقّاه حكماً مطلقاً سائداً على مرّ الحقب والأزمان ، لا يغيّره شيء ، وهذا خلافاً للأشاعرة ، فقد عزلوا العقل عن إدراك الحسن والقبيح وبذلك خالفوا الامامية والمعتزلة في الفروع المترتّبة عليه (١).
هذه هي الاُصول التي تخالف الامامية فيها الأشاعرة وربّما توافقهم المعتزلة في جميعها أو أكثرها. كل ذلك يثبت أنّ للشيعة الامامية منهجاً كلامياً خاصّاً نابعاً من
__________________
١ ـ لاحظ للوقوف على هذه الاُصول المترتّبة على القول بالتحسين والتقبيح العقليين الجزء الثاني من هذه الموسوعة ٢٨٩ـ٢٩٢.