الكتاب والسنّة ، وكلمات العترة الطاهرة والعقل فيما له مجال القضاء ، وليست الشيعة متطفّلة في منهجها الكلامي على أيّة من الطائفتين. وأنت إذا وقفت على الكتب الكلامية المؤلّفة في العصور المتقدّمة من عصر الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ ) إلى عصر شيخنا الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ) ومن بعده بقليل ، تجد منهجاً كلامياً مبرهناً متّزنا واضحاً لا تعقيد فيه ولا غموض ، وعلى تلك الاُصول وذلك المنهج درج علماؤهم المتأخّرون في الأجيال التالية ، فألّف الشيخ الحلبي ( ٣٧٤ ـ ٤٤٧ ) « تقريب المعارف » والشيخ سديد الدين الحمصي ( ت ٦٠٠ ) كتابه « المنقذ من التقليد » وتوالي بعدهم التأليف على يد الفيلسوف الكبير نصير الدين الطوسي ( ٥٩٧ ـ ٦٧٢ ) ومعاصره ابن ميثم البحراني ( ٥٨٩ ) وتلميذه العلّامة الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ) وهكذا ... كل ذلك يكشف عن أنّ الأئمّة طرحوا أصول العقائد ، وغذّوا أصحابهم وتلاميذهم بمعارف سامية ، اُعتبر الحجر الأساس للمنهج الكلامي الشيعي ، وتكامل المنهج من خلال الجدل الكلامي والنقاش العلمي في الظروف المتأخّرة فوصل إلى الذروة والقمّة فالناظر في الكتب الكلامية للسيّد الشريف المرتضى ك « الشافي » (١) و« الذخيرة » (٢) يجد منبعاً غنيّاً بالبحوث الكلامية كما أنّ الناظر في كتب العلّامة الحلّي المختلفة ك « كشف المراد » (٣) و« نهاية المرام » (٤) وغيرهما يقف على أفكار سامية أنضجها البحث والنقاش عبر القرون ، فبلغت غايتها القصوى.
وقد توالى التأليف في عقائد الشيعة واُصولهم من العصور الاُولى إلى يومنا هذا ، ولا يحصيها إلا محصي قطرات المطر وذرّات الرمال.
____________
١ ـ المطبوع في بيروت في أربعة أجزاء.
٢ ـ المطبوع في ايران في جزأين.
٣ ـ الكتاب الدراسي في الجامعات الشيعية.
٤ ـ مخطوط نحتفط منها بنسخة وهي في يد التحقيق.