هذه جملة الأخبار التي تحدث بها الذكر الحكيم ولكنّها لم تحقق ، فلا محيص لتفسيرها إلاّ القول بوقوفهم على المقتضي دون العلّة التامة ، فعندما يظهر عدم التحقّق يطلق عليه البداء ، والمراد أنّه بدا من اللّه لنبيّه وللناس ما خفى عليهم ، على غرار قوله سبحانه : ( وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتْسِبُونَ ) (١) فالبداء إذا نسب إلى اللّه سبحانه فهو بداء منه ، وإذا نسب إلى الناس فهو بداء لهم ، وبعبارة اُخرى ، البداء من اللّه هو اظهار ما خفى على الناس ، والبداء من الناس بمعنى ظهور ما خفى لهم ، وهذا هو الحق القراح الذي لا يرتاب فيه أحد.
وأمّا ما ورد في الروايات ، فهو بين خمسة أو أزيد بقليل :
١ ـ إنّ المسيح عليهالسلام مرّ بقوم مجلبين ، فقال : ما لهؤلاء؟ قيل : يا روح اللّه فلانة بنت فلانة تهدى إلى فلان في ليلته هذه. فقال : يجلبون اليوم ويبكون غداً ، فقال قائل منهم : ولم يا رسول اللّه؟ قال : لأنّ صاحبتهم ميّتة في ليلتها هذه ... فلمّا أصبحوا وجدوها على حالها ، ليس بها شيء ، فقالوا : يا روح اللّه إنَّ التي أخبرتنا أمس انّها ميّتة لم تمت. فدخل المسيح دارها فقال : ما صنعت ليلتك هذه؟ قالت : لم أصنع شيئاً إلاّ وكنت أصنعه فيما مضى ، انّه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها. فقال المسيح : تنحّ عن مجلسك فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة ، عاضّ على ذنبه ، فقال عليهالسلام : بما صنعت ، صرف عنك هذا (٢).
٢ ـ روى الكليني عن الامام الصادق عليهالسلام : إنّه مرّ يهودي بالنبي فقال : السام عليك. فقال النبيّ عليك. فقال أصحابه : إنّما سلّم عليك بالموت فقال :
____________
١ ـ الزمر / ٤٧.
٢ ـ المجلسي : بحارالأنوار ٤ / ٩٤.