الموت عليك. فقال النبيّ : وكذلك رددت. ثمّ قال النبيّ : إنّ هذا اليهودي يعضّه أسود في قفاه فيقتله ، قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطباً كثيراً فاحتمله ، ثمّ لم يلبث أن انصرف ، فقال له رسول اللّه : ضعه ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاضّ على عود ، فقال : يا يهودي ما عملت اليوم؟ قال : ما عملت عملاً إلاّ حطبي هذا حملته فجئت ومعي كعكتان ، فأكلت واحدة وتصدّقت بواحدة على مسكين ، فقال رسول اللّه : بها دفع اللّه عنه ، قال : إنّ الصدقة تدفع ميتة السوء عن الانسان (١).
ولا يمكن لأحد تفسير مضامين الآيات الماضية وهذين الحديثين إلاّ عن طريق البداء بالمعنى الذي تعرّفت عليه ، وهو اتّصال النبي بلوح المحو والاثبات والوقوف على المقتضي والاخبار بمقتضاه دون الوقوف على العلّة التامة.
٣ ـ عرض اللّه عزّوجلّ على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم ، فمرّ بآدم اسم داود النبي عليهالسلام فإذا عمره في العالم أربعون سنة ، فقال آدم : يا رب ما أقل عمر داود وما أكثر عمري يا رب إنّي أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أتثبت ذلك له؟ قال اللّه : نعم يا آدم ، فقال آدم : فانّي قد زدته من عمري ثلاثين سنة ، فأثبت اللّه عزّوجلّ لداود في عمره ثلاثين سنة (٢).
ترى أنّه سبحانه أثبت شيئاً ، ثمّ محاه بدعاء نبيه ، وهذا هو المراد من قوله سبحانه : ( يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت وعنده اُمّ الكتاب ) فلو أخبر نبي اللّه عن عمر داود بأربعين سنة لم يكن كاذباً في إخباره ، لأنّه وقف على الاثبات الأوّل ولم يقف على محوه.
__________________
١ ـ المجلسي : بحارالانوار ٤ / ١٢١.
٢ ـ المجلسي : بحارالأنوار ٤ / ٩٥ ـ ١٠٢.