عليهالسلام : إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرّة من المدينة إلى مكّة على قدميه. وروي عن الحافظ أبي نعيم في حليته أيضاً أنّه عليهالسلام خرج من ماله مرّتين ، وقاسم اللّه تعالى ثلاث مرّات ماله وتصدّق به. وكان عليهالسلام من أزهد الناس في الدنيا ولذّاتها ، عارفاً بغرورها وآفاتها ، وكثيراً ما كان عليهالسلام يتمثّل بهذا البيت شعرا :
يا أهل لذّات دنيا لا بقاء لها |
|
إنّ اغتراراً بظلّ زائل حَمَقُ (١) |
وأمّا حلمه فقد روى ابن خلكان عن ابن عائشة انّ رجلاً من أهل الشام قال : دخلت المدينة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابة منه ، فمال قلبي إليه فسألت عنه فقيل : هذا الحسن بن علي بن أبي طالب ، فامتلأ قلبي له بغضاً وحسدت علياً أن يكون له ابن مثله فصرت إليه وقلت له : أأنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال : أنا ابنه. قلت : فعل بك وبأبيك ـ اسبهما ، فلمّا انقضى كلامي ـ قال لي : أحسبك غريباً؟ قلت : أجل ، قال : مل بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آتيناك أو إلى حاجة عاوناك قال : فانصرفت عنه وما على الأرض أحب إلىّ منه ، وما فكرت فيما صنع وصنعت إلاّ شكرته وخزيت نفسي (٢).
وأمّا إمامته. فيكفي في ذلك ما صرّح به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا ...
روت الشيعة بطرقهم عن سليم بن قيس الهلالي قال : شهدت أميرالمؤمنين عليهالسلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليهالسلام وأشهد على وصيته الحسين
__________________
١ ـ الفصول المهمة : لابن الصباغ المالكي ١٥٦.
٢ ـ وفيات الأعيان : ابن خلكان ٢ / ٦٨.