٣ ـ ربّما يغتر الغافل بظاهر قوله سبحانه : ( صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِم ) ويتصوّر أنّ المراد من النعمة هو المال والأولاد وصحّة البدن ، وإن كان كل هذا نعمة من اللّه ، ولكن المراد من الآية بقرينة قوله : ( غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِم ولا الضّالِّين ) هو نعمة التوفيق والهداية.
ولأجل ذلك نرى انّ الامام يفسّر الأنعام بقوله : « قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك وهم الذين قال اللّه عزّوجلّ : ( وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ والرَّسُولَ فَاُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّقينَ والشُّهَداءِ والصّالِحينَ وحَسُنَ اُولئِكَ رفيقاً ) ثمّ قال : ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن وإن كان كلّ هذا نعمة من اللّه ظاهرة » (١).
٤ ـ لقد تفشّت فكرة عدم علمه سبحانه بالأشياء ، قبل أن تخلق استلهاماً من بعض المدارس الفكرية الفلسفية الموروثة من اليونان ، فسأله محمّد بن صالح عن قول اللّه : ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمُّ الكِتابِ ) (٢) فقال : هل يمحو إلاّ ما كان وهل يثبت إلاّ ما لم يكن؟ فقلت في نفسي : هذا خلاف ما يقوله هشام الفوطي. إنّه لا يعلم الشيء حتّى يكون ، فنظر إلىَّ شزرا ، وقال :
« تعالى اللّه الجبّار العالم بالشيء قبل كونه ، الخالق إذ لا مخلوق ، والربّ إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه » (٣).
__________________
١ ـ الصدوق : معاني الأخبار ٣٦.
٢ ـ الرعد / ٣٩.
٣ ـ المسعودي : اثبات الوصية ٢٤١.