فقال اللّه : ( الم ذلِك الكتابُ ) ( فقل ) يا محمّد ، هذا الكتاب الذي نزّلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها « الف » ، « لام » ، « ميم » وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم ، ثمّ بيّن انّه لا يقدرون عليه بقوله : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالجِنُّ عَلى أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا القُرآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرا ) ـ الإسراء / ٨٨ ـ (١).
وقد روي هذا المعنى عن أبيه الامام الهادي عليهالسلام (٢).
٢ ـ كان أهل الشغب والجدل يلقون حبال الشك في طريق المسلمين فيقولون : إنّكم تقولون في صلواتكم : ( اهدِنا الصِّراط المُسْتقيم ) أولستم فيه؟
فما معنى هذه الدعوة؟ أو أنّكم متنكّبون عنه فتدعون ليهديكم إليه؟ ففسّر الإمام الآية قاطعاً لشغبهم فقال : « أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيّامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمالنا ».
ثمّ فسّر الصراط بقوله : الصراط المستقيم هو صراطان : صراط في الدنيا وصراط في الآخرة أمّا الأوّل فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير ، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل ، وأمّا الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم ، لا يعدلون عن الجنّة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنّة (٣).
وقد استفحل أمر الغلاة في عصر الامام العسكري ونسبوا إلى الأئمّة الهداة اُموراً هم عنها براء ، ولأجل ذلك يركّز الامام على أنّ الصراط المستقيم لكل مسلم هو التجنّب عن الغلو والتقصير.
__________________
١ ـ الصدوق : معاني الأخبار ٢٤ ، وللحديث ذيل فمن أراد فليرجع إلى الكتاب.
٢ ـ الكليني : الكافي ج ١ كتاب العقل والجهل الحديث ٢٠ / ٢٤ ـ ٢٥.
٣ ـ الصدوق : معاني الأخبار ٣٣.