وهو أوّل من سمّى أولياءه بالشيعة وفي عهده ظهر التشيّع وسمّى جماعة بالشيعة (١).
ولمّا ارتحل النبي الأكرم إلى دار البقاء تناسى اُولوا القوة والمنعة من الصحابة عهد النبي الأكرم فحالوا بين النبي واُمنيته كما حالوا بين اُمّته وإمامها ، فتداولوا كرة الخلافة بينهم ، وأخذوا بمقاليد الحكم واحداً بعد آخر ، والإمام منعزل عن الحكم ، لا عمل له إلاّ هداية الاُمّة وارشادها بلسانه وبيانه وقلمه وبنانه.
إنّ الذي دعا عليّاً إلى السكوت والانحياز ، هو مشاهدة ظاهرة الردّة ، الطارئة على المجتمع الاسلامي عن طريق مسيلمة الكذاب ، وطليحة بن خويلد الأفّاك ، وسجاح بنت الحرث الدجّالة ، واصحابهم الهمج الرعاع فكانوا مهتمّين بمحق الإسلام وسحق المسلمين. ويحدّث عنه الامام في رسالته إلى أهل مصر التي أرسلها مع مالك الأشتر يقول : « فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم » (٢).
رأى الامام أنّ صيانة الإسلام وردّ عادية الأعداء تتوقّفان على المسالمة والموادعة فألقى حبل الخلافة على غاربها ، تقديماً للأهم على المهمّ ، وتبعته شيعته صابرين على مضض الحياة ومرّها.
بقي الامام منعزلاً عن الحكم قرابة ربع قرن إلى أن قتل عثمان في عقر داره وانثال الناس إلى دار علي من كلّ جانب مجتمعين حوله كربيضة الغنم ، يطلبون منه القيام بالأمر وأخذ مقاليد الحكم ، وفيهم شيعته المخلصون الأوفياء ، فلم ير بدّاً من
__________________
١ ـ محمد كرد علي : خطط الشام ٥ / ٢٥١.
٢ ـ الرضي : نهج البلاغة قسم الكتب برقم ٦٢.