يلاحظ عليه : إذا كان الرسول أراد هذا ولم يكن في مقام مدحهم فأي فائدة في الأخبار بذلك. ثمّ كيف يقول انّها صدرت على غير سبيل المدح مع ما عرفت من السمات الواردة الصريحة في المدح فيقول : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً قائماً » ، أو« أمر اُمّتي صالحاً » والعجب انّه جعل أوّل الخلفاء يزيد بن معاوية بحجّة أنّه استقامت له السلطنة مع أنّه كيف استتبّت له السلطنة وقد ثار عليه العراق في السنة الاُولى وثار عليه أهل المدينة في السنة الثانية وكان مجموع أيّامه مؤلّفة من حروب دامية بين قتل ونهب وتدمير.
٢ ـ « إنّ المراد أنّه يملك اثنا عشر خليفة بهذه السمات بعد وفاة المهدي » وهذا من أغرب التفاسير لأنّها ظاهرة في اتصال خلافتهم بعصر النبي الأكرم ولأجل تبادر ذلك سأل الناس عبداللّه بن مسعود عن عدد من يملك أمر هذه الاُمّة (١).
٣ ـ ما نقله ابن حجر في فتح الباري عن القاضي عياض انّ المراد الخلفاء الذين اجتمع عليهم الناس وهم أبوبكر ، وعثمان ، وعلي ، ومعاوية ، ويزيد ، وعبدالملك ، وأولاده الأربعة : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، وعمر بن عبدالعزيز بين سليمان ويزيد ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثاني عشر هوالوليد بن يزيد بن عبدالملك (٢).
ولا يكاد ينقضي تعجّبي من القاضي عياض وابن حجر كيف يعرّفان هؤلاء بمن عزّ بهم الإسلام والدين وصار منيعاً وفيهم يزيد بن معاوية ذلك السكير المستهتر الذي كان يشرب الخمر ويدع الصلاة ، ولم يكتف بذلك بل ضرب الكعبة بالمنجنيق
__________________
١ ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١٣ / ٢١٣ ومثله ما نقله أيضاً : اثنا عشر خليفة في جميع مدة الاسلام إلى يوم القيامة.
٢ ـ المصدر نفسه ولاحظ تاريخ الخلفاء ١١.