ما بقى من الناس اثنان ».
إذا صحّت هذه الاستفاده فهي لا تلتئم إلاّ مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي منسجمة جدّاً مع حديث الثقلين وبقاؤهما حتّى يردا عليه الحوض.
وصحّة هذه الاستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة والخلافة ـ بالاستحقاق ـ لا بالسلطة الظاهرية لأنّ الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من اللّه ، وهي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية ، لأنّ هذا النوع من السلطة هوالذي تقتضيه وظيفته كمشرع ، ولا ينافي ذلك ذهاب السلطة منهم في واقعها الخارجي وتسلّط الآخرين عليهم ، على أنّ الروايات تبقى بلا تفسير لوتخلّينا عن حملها على هذا المعنى لبداهة أنّ السلطة الظاهرية قد تولاّها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد ، فضلاً عن انقراض دولهم وعدم النص على أحد منهم ـ أمويين وعباسيين ـ باتّفاق المسلمين.
ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح والمسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة فلا يحتمل أن يكون من الموضوعات بعد اكتمال العدد المذكور ، على أنّ جميع رواتها من أهل السنّة ومن الموثوقين لديهم ولعلّ حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث وملاءمتها للواقع التأريخي كان منشؤها عدم تمكّنهم من تكذيبها ، ومن هنا تضاربت الأقوال في توجيهها وبيان المراد منها.
والسيوطي ـ بعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلة ـ خرج برأي غريب وهو: وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز في بني اُمية وكذلك الظاهر لما اوتيه من العدل ، وبقي الاثنان منتظران ، أحدهما المهدي لأنّه من أهل بيت محمّد ولم يُبيّن