على المؤلّف من أوّل يوم نشره ، وأخذوا بالردّ عليه ردّاً عنيفا (١) ولو كان تأليف ذلك الكتاب دليلاً على قول الشيعة بالتحريف فليكن كتاب « الفرقان » الذي عرّفه أحد الأزهرين المعاصرين دليلا على قول السنّة بها.
الرابع : التعرّف الصحيح على المبادئ التي تعتمد عليها كل طائفة في مجال الالتزام القلبي يحصل من خلال السبر في الكتب العقائدية الكلامية المؤلّفة بيد عمالقة الفكر منهم ، وأمّا الكتب الحديثية المعتبرة فبما أنّ فيه الصحيح والسقيم ، والمشهور والشاذ ، والمحكم والمتشابه ، فلا يصحّ الاستناد إلى رواية رويت في كتب الحديث في مجال تبيين عقائد الفرقة ، فلو وجد في الكافي الذي هو من أتقن الكتب الحديثية عند الشيعة ما يضاد المشهور بين العلماء ، لما صحّ لنا الاعتماد عليه وترك ما ذهب إليه المشهور من علمائهم ، فليس معنى كون الكتاب معتبراً انّ جميع ما ورد فيه قابل للالتزام والعمل ، وهذا أمر واضح لدى الشيعة عامة ، وإن غفل عنه كتاب تاريخ الفرق.
الخامس : إنّ هناك فرقاً بين الجوامع الحديثية عند الشيعة والصحاح عند السنّة ، فانّ الاُولى لديهم كتب معتبرة بمعنى أنّها صالحة للرجوع إليها بعد تمحيصها وتمييز الجيّد من الرديء فيها. وعلى ضوء ذلك لا يكون وجود الحديث فيها دليلاً على كون مضمونه حجّة في مفاده. وأمّا الصحاح الستّة عند السنّة فبما أنّ أكثرهم أضفى على الجميع وصف الصحة فلقائل أن يتصوّر أنّ وجود الحديث فيها دليل على كون مضمونه مذهباً لأهل السنّة.
__________________
١ ـ ردّ عليه في حياته وبعده لفيف من العلماء أخص بالذكر العلامة الحجة : الشيخ محمد هادي معرفة بكتاب أسماه صيانة القرآن عن التحريف وقد طبع وانتشر.