السادس : إنّ المطلوب في العقائد ، غير المطلوب في الأحكام فالغاية من الثانية هي العمل وإن لم يكن اذعان بصحّته وكونه مطابقاً للواقع ، بل يكفي قيام الدليل على جواز تطبيق العمل عليه. بخلاف الاُولى فانّ الغرض المنشود منها هو الاعتقاد والايمان ، ومن المعلوم أنّ اليقين رهن مقدّمات مفيدة لليقين ومجرّد وجود خبر حتّى الصحيح في الجوامع الحديثية لا يؤدّي إلى اليقين فلا يمكن أن يحتجّ بها في مجال العقيدة إلاّ إذا كانت مفضية إلى اليقين ، والاذعان ، والخبر الواحد ، وإن صحّ ، خال من هذا الشأن.
السابع : عرفت الشيعة بالتقيّة وأنّهم يتقون في أقوالهم وأفعالهم ، فصار ذلك مبدأ لوهم عالق بأذهان بعض المشاغبين والمغالطين فيقولون : بما أنّ التقيّة من مبادئ التشيّع فلا يصحّ الاعتماد بكل ما يقولون ويكتبون وينشرون إذ من المحتمل جدّاً أن تكون هذه الكتب دعايات والواقع عندهم غيرها. هذا ما نسمعه منهم مرّة بعد مرة ، ويكرّره الكاتب الباكستاني « إحسان إلهي ظهير » في كتبه الردية على الشيعة.
ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أنّ مجال التقيّة انّما هي القضايا الشخصية الجزئية أي عند وجود الخوف على النفس والنفيس ، فإذا دلّت القرائن على أنّ في اظهار العقيدة أو تطبيق العمل عل مذهب إمام من أئمّة أهل البيت احتمال توجّه الضرر ، يصير المورد من مواردها ويحكم العقل والشرع بلزوم الاتّقاء حتّى يصون بذلك نفسه ونفيسه عن الخطر. وأمّا الاُمور الكليّة الخارجة عن إطار الخوف فلا يتصوّر فيها التقيّة ، والكتب المنتشرة من جانب الشيعة داخلة في النوع الثاني إذ لا خوف هناك حتّى يكتب خلاف ما يعتقد ، بل لا ملزم للكتابة أصلاً فله أن يسكت ولا يكتب شيئا.