كان علي عليهمالسلام لا يستعمل في حربه ، إلاّ ما وافق الكتاب والسنّة ، وكان معاوية يستعمل خلاف الكتاب والسنّة ، كما يستعمل الكتاب والسنّة (١).
وفي حياة الخليفة عشرات الشواهد على اجتهاده تجاه النص ، وأي اجتهاد تجاهه أظهر وأولى من منع تدوين الحديث وكتابته الذي هو المصدر الثاني الرئيسي للمسلمين بعد الذكر الحكيم ، وقد بلغت السنّة من الكمال مكانة حتّى صار لفظ السنّي شعاراً لجمهور المسلمين.
ولعلّ في قوله سبحانه : ( يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بِيْنَ يَدَىِ اللّهِ وَرَسُولِهِ واتَّقُوا اللّهَ إنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم ) (٢). إشارة إلى بعض هذه الاُمور ، ومعنى الآية : لا تقولوا حتّى يقول ، ولا تأمروا حتّى يأمر ، ولا تفتوا حتّى يفتي ، ولا تقطعوا أمراً حتّى يقطع ، بالتالي : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنّة فانّه تقدُّم على اللّه ورسوله.
فإذا كان هذا حال الخليفة وعمله طيلة حياته ، فلا عجب أن يجتهد أمام نصوص الولاية والخلافة ويسدل عليها الستار ، ولا يلتفت إليها ويندفع إلى تتبع مظان المصالح المزعومة في مجال الخلافة بعد عصر الرسول ، وفي ما ذكرنا من مظان الاجتهاد أمام النص كفاية لطالب الحق.
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٥٧٨ ، نقلا عن أبي عثمان الجاحظ.
٢ ـ الحجرات / ١.