أبي طالب وروى حديث حبيب بن أبي ثابت عمّن سمع ابن عبّاس وأردفه بقوله في (ص ١١٠):
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال : تأويل وهم ينهون عنه عن اتّباع محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من سواهم من الناس وينأون عن اتّباعه ، وذلك أنّ الآيات قبلها جرت بذكر جماعة المشركين العادين به والخبر عن تكذيبهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والإعراض عمّا جاءهم به من تنزيل الله ووحيه ، فالواجب أن يكون قوله (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) خبراً عنهم ، إذ لم يأتنا ما يدلّ على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم ، بل ما قبل هذه الآية وما بعدها يدلّ على صحّة ما قلنا من أنّ ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أن يكون خبراً عن خاصّ منهم ، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية : وإن يرَ هؤلاء المشركون يا محمد كلّ آية لا يؤمنوا [بها] (١) حتى إذا جاءوك يجادلونك يقولون إن هذا الذي جئتنا به إلاّ أحاديث الأوّلين وأخبارهم ، وهم ينهون عن استماع التنزيل وينأون عنك ، فيبعدون منك ومن اتّباعك ، وإن يهلكون إلاّ أنفسهم. انتهى.
وذكر الرازي في تفسيره (٢) (٤ / ٢٨) قولين : نزولها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن اتّباع النبيّ والإقرار برسالته. ونزولها في أبي طالب خاصّة ، فقال : والقول الأوّل أشبه لوجهين :
الأوّل : أنّ جميع الآيات المتقدّمة على هذه الآية تقتضي ذمّ طريقتهم فكذلك قوله : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ). ينبغي أن يكون محمولاً على أمر مذموم ، فلو حملناه على أنّ أبا طالب كان ينهى عن إيذائه لما حصل هذا النظم.
والثاني : أنّه تعالى قال بعد ذلك (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ) يعني به ما تقدّم
__________________
(١) من المصدر.
(٢) التفسير الكبير : ١٢ / ١٨٩.