بقوله : «ما أخال أحداً يعلّمنا السنّة» (١) ، فسكت عمر إذ كان لم يجد منتدحاً عن الإخبات إلى قوله ، ولو كان غيره عليهالسلام لعلاه بالدرّة ، ولذلك كان عمر يرجع إليه في كلّ أمر عصيب ، فإذا حلّه قال : لو لا عليّ لهلك عمر (٢) ، أو نظير هذا القول. وسيوافيك عن عثمان نفسه قوله : لو لا عليّ لهلك عثمان.
فرأي الإمام الطاهر هو المتّبع وهو المعتضد بالكتاب بقوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) ، كما استدلّ به عليهالسلام على عثمان ، فبعمومه كما حكاه ابن حزم في المحلّى (٧ / ٢٤٩) عن طائفة ظاهر في أنّ الشيء المتصيّد هو المحرّم ملكه وذبحه وأكله كيف كان ، فحرّموا على المحرم أكل لحم الصيد وإن صاده لنفسه حلال ، وإن ذبحه الحلال (٣) ، وحرّموا عليه ذبح شيء منه وإن كان قد ملكه قبل إحرامه. وقال القرطبي في تفسيره (٤) (٦ / ٣٢١) : التحريم ليس صفة للأعيان ، وإنّما يتعلّق بالأفعال. فمعنى قوله : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) أي فعل الصيد ، وهو المنع من الاصطياد ، أو يكون الصيد بمعنى المصيد على معنى تسمية المفعول بالفعل ، وهو الأظهر لإجماع العلماء على أنّه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له ، ولا يجوز له شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه ، ولا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك لعموم قوله تعالى : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) ولحديث الصعب بن جثامة. وقال في (ص ٣٢٢): وروي عن عليّ بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر : أنّه لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال سواء صيد من أجله أو لم يصد لعموم قوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) : قال ابن عبّاس : هي مبهمة. وبه قال طاووس ، وجابر بن زيد وأبو الشعثاء ، وروي ذلك عن الثوري ، وبه
__________________
(١) كتاب الأُم للإمام الشافعي : ٢ / ١٢٦ [٢ / ١٤٧] ، المحلّى لابن حزم : ٧ / ٢٦٠ [المسألة ٨٩٦]. (المؤلف)
(٢) راجع نوادر الأثر في علم عمر في الجزء السادس من كتابنا هذا. (المؤلف)
(٣) هكذا هي العبارة في المحلّى ، وهي لا تخلو من اضطراب.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ٦ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.