رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «أنت رجل صالح وسيصيبك بلاء بعدي». قال : في الله؟ قال : «في الله». قال : مرحباً بأمر الله. راجع (ص ٣١٦) من هذا الجزء.
ثمّ إنّ ما شجر من الخلاف بين أبي ذر ومعاوية في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ). ـ فخصّه معاوية بأهل الكتاب وعمّمه أبو ذر عليهم وعلى المسلمين ، كما أخرجه البخاري ومرّ بلفظه (ص ٢٩٥) وهذه الرواية هي المستند الوحيد لجملة من الأفّاكين على أبي ذر ـ ظاهر (١) في أنّه لا خلاف بينهما فى المقدار المنفق من المال وإنّما هو في توجيه الخطاب ، فارتأى معاوية أنّ المخاطب به أهل الكتاب ، وعلم أبو ذر من مستقى الوحي ولحن الآية الكريمة أنّها تعمّ كلّ مكلّف. إذن فيجب إمّا أن يُعزى هذا الشذوذ إليهما جميعاً ، أو يبرّآن عنه جميعاً ، فإفراد أبي ذر بالقذف من ولائد الضغائن والإحن.
وأيّا ما كان ، فالمراد إنفاق البعض لا الكلّ ، وإن كان النظر القاصر قد يجنح إلى الأخير لأوّل وهلة. وليست هذه الآية بدعاً من آيات أُخرى تماثلها في السياق كقوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) الآية ، البقرة : ٢٦١.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) البقرة : ٢٧٤.
وقوله تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، البقرة : ٢٦٢.
وقوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) الآية ، البقرة : ٢٦٥.
على أنّ هذه الآيات أصرح من هاتيك في العموم لمكان الجمع المضاف فيها ،
__________________
(١) خبر «إنّ» في أول الفقره ، من قوله : ثم إن ما شجر ....