لكن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أنّه نزّلها إلى البعض ، ولعلّ النكتة في الإتيان بالجمع المضاف فيها أنّ الموصوفين بها بلغوا من نزاهة النفس وكرم الطباع وعلوّ الهمّة حدّا لا يبالون معه لو توقّفت الحالة على إنفاق كلّ أموالهم. أو أنّهم حين يسمحون بإنفاق البعض في سبيل الله تعالى يجعله سبحانه في مكان إنفاق الكلّ بفضل منه ويثيبهم على ذلك. وبهذا يُعلم السرّ في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ، الأنفال : ٣٦. وقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) الآية ، النساء : ٣٨.
فليست هذه الآيات في منتأى عن قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ، آل عمران : ٩٢.
وقوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) ، إبراهيم : ٣١.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، البقرة : ٣.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، الأنفال : ٣.
وقوله تعالى : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، الحج : ٣٥.
وقوله تعالى : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، السجدة : ١٦.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) ، البقرة : ٢٥٤.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) ، البقرة : ٢٦٧.
وقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ، المنافقون : ١٠.
على أنّ غير واحد من تلكم الآيات تومي إلى الإنفاق المندوب كما نصّ