سفه ولا سرف فاقض عنه. فكتب إليه : إنّي قد قضيت عنهم وبقي في بيت مال المسلمين مال. فكتب إليه : أن انظر كلّ بكر ليس له مال فشاء أن تزوّجه [فزوّجه] وأصدق عنه. فكتب إليه : إنّي قد زوّجت كلّ من وجدت وقد بقي في بيت مال المسلمين مال. الأموال لأبي عبيد (١) (ص ٢٥١).
ولكلّ من التسميتين وجه معقول ، أمّا التسمية بمال الله فلأنّه لله سبحانه وهو الآمر بإخراجه ومعيّن النُصب ، ومبيّن الكمّيات المخرجة ، ومشخّص المصارف والمستحقّين ، وأمّا التسمية بمال المسلمين فلأنّهم المصرف والمدرّ له ، فلا غضاضة على أبي ذر لو سمّاه بأيّ من الاسمين ، ولا يعرب أيّ منهما عن مبدأ سوء.
وما رواه الطبري في تاريخه (٢) (٥ / ٦٦) من طريق عرّفناك رجاله في (ص ٣٢٦ ـ ٣٢٨) وأنّه باطل لا يُعوّل عليه ، من أنّه لمّا ورد ابن السوداء (٣) الشام لقي أبا ذر فقال : يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية يقول : المال مال الله ، ألا إنّ كلّ شيء لله ، كأنّه يريد أن يحتجنه دون المسلمين ويمحو اسم المسلمين. فأتاه أبو ذر فقال : ما يدعوك إلى أن تسمّي مال المسلمين مال الله : قال؟ يرحمك الله يا أبا ذر ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والأمر أمره؟ قال : فلا تقله. قال : فإنّي لا أقول : إنّه ليس لله ولكن سأقول : مال المسلمين.
فهذا بعد الغضّ عن إسناده الباطل ومتنه الركيك وبعد الإغضاء عن أنّ مثل أبي ذر الذي هو من أوعية العلم وعلب الفضائل وحملة الرأي السديد ليس بالذي يحرّكه ابن السوداء اليهوديّ فيعيره أُذناً واعية ، ثم يمضي لما ألقاه عليه من التلبيس
__________________
(١) الأموال : ص ٣٢٠ ح ٦٢٥.
(٢) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٢٨٣ حوادث سنة ٣٠ ه.
(٣) يعني عبد الله بن سبأ اليهودي الممقوت لكافّة فرق المسلمين خصوصاً الشيعة منهم ، فإنّه محكوم عليه عندهم بالكفر ، وقد نقم عليه وعلى أصحابه مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لإلحادهم. (المؤلف)