مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (١). قال : فتلك التطوّع والزكاة سوى ذلك.
وقال أبو عبيد في الأموال (٢) (ص ٣٥٨) : إنّ هذا مذهب (٣) ابن عمر وأبي هريرة ، وأصحاب رسول الله أعلم بتأويل القرآن وأولى بالاتّباع ، و [هو] (٤) مذهب طاووس ، والشعبي أنّ في المال حقوقاً سوى الزكاة مثل برّ الوالدين ، وصلة الرحم ، وقرى الضيف ، مع ما جاء في المواشي من الحقوق.
وفي الأموال (٥) (ص ٣٥٧) من طريق أبي حمزة قال : قلت للشعبي : إذا أدّيت زكاة مالي أيطيب لي مالي؟ قال : فقرأ عليّ هذه الآية : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى آخر الآية المذكورة.
فنداء أبي ذر في موقفه هذا نداء القرآن الكريم ونداء المشرّع الأعظم ونداء تابعيهما من الصحابة والتابعين ، ولا يردّ ذلك إلاّ مثل كعب الأحبار الذي هو حديث عهد باليهوديّة ، وقد اعتنق الإسلام أمس ، على حين أنّه لم يسلم طيلة عهد النبوّة وإنّما سالم على عهد عمر ، ولا أدري هل حدته إلى ذلك الحقيقة؟ أو الفَرَق من بطش المسلمين وشوكتهم؟ أو الطمع في العطاء الجاري؟ ولا أدري أيضاً أنّه في مدّة إسلامه القصيرة هل أحاط خبراً بنواميس الإسلام وفروضه وسننه أو لا؟ ولا أحسب ، كما أوعز إليه أبو ذر الناظر إليه من كثب ، حيث قال له : يا ابن اليهوديّة ما أنت وما هاهنا؟ وكان من حقّه أن يؤدّب بالمحجن كما فعله سيّد غفار ـ ساء الخليفة أم سرّه ـ
__________________
(١) البقرة : ٢١٥.
(٢) الأموال : ص ٤٤٦ ح ٩٣١.
(٣) في المصدر : فهذا غير مذهب ...
(٤) من المصدر.
(٥) الأموال : ص ٤٤٦ ح ٩٢٩.